الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (59) قوله تعالى : أرأيتم : هذه بمعنى أخبروني . وقوله " ما أنزل " يجوز أن تكون " ما " موصولة بمعنى الذي ، والعائد محذوف أي : ما أنزله ، وهي في محل نصب مفعولا أول ، والثاني هو الجملة من قوله : آلله أذن لكم والعائد من هذه الجملة على المفعول الأول محذوف تقديره : الله أذن لكم فيه . واعترض على هذه بأن قوله " قل " يمنع من وقوع الجملة بعده مفعولا ثانيا . وأجيب عنه بأنه كرر توكيدا . ويجوز أن تكون " ما " استفهامية منصوبة المحل بـ " أنزل " وهي حينئذ معلقة لـ " أرأيتم " ، وإلى هذا ذهب الحوفي والزمخشري . ويجوز أن تكون " ما " الاستفهامية في محل رفع بالابتداء ، والجملة من قوله : آلله أذن لكم خبره ، والعائد محذوف كما تقدم أي : أذن لكم فيه ، وهذه الجملة الاستفهامية معلقة لـ " أرأيتم " ، والظاهر من هذه الأوجه هو الوجه الأول ، لأن فيه إبقاء " أرأيت " على بابها من تعديها إلى اثنين ، وأنها مؤثرة في أولهما بخلاف جعل " ما " استفهامية فإنها معلقة لـ " أرأيت " وسادة مسد المفعولين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 227 ] وقوله : من رزق يجوز أن يكون حالا من الموصول ، وأن تكون " من " لبيان الجنس و " أنزل " على بابها وهو على حذف مضاف أي : أنزله من سبب رزق وهو المطر . وقيل : تجوز بالإنزال عن الخلق كقوله وأنزلنا الحديد وأنزل لكم من الأنعام .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : أم على الله تفترون في " أم " هذه وجهان أحدهما : أنها متصلة عاطفة تقديره : أخبروني : آلله أذن لكم في التحليل والتحريم ، فإنهم يفعلون ذلك بإذنه أم يكذبون على الله في نسبة ذلك إليه . والثاني : أن تكون منقطعة . قال الزمخشري : " ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار و " أم " منقطعة بمعنى : بل أتفترون على الله ، تقريرا للافتراء " . والظاهر هو الأول إذ المعادلة بين هاتين الجملتين اللتين بمعنى المفردين واضحة ، إذ التقدير : أي الأمرين وقع : إذن الله لكم في ذلك أم افتراؤكم عليه ؟

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية