الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع الثاني فيما يحدث في البدن .

من الأجزاء وهي ثمانية .

الأول شعر الرأس ولا بأس بحلقه لمن أراد التنظيف ولا بأس بتركه لمن يدهنه ويرجله إلا إذا تركه قزعا ، أي : قطعا وهو دأب أهل الشطارة أو أرسل الذوائب على هيئة أهل الشرف حيث صار ذلك شعارا لهم فإنه إذا لم يكن شريفا كان ذلك تلبيسا .

التالي السابق


(النوع الثاني مما يحدث في البدن من الأجزاء وهي ثمانية)

(الأول شعر الرأس) ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم حلقه إلا في نسك ، وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم ، ومن بعدهم من التابعين ، بل كان تخليته شعار أهل الإسلام ، وكان الحلق سيما الخوارج ، وقد ورد في حديث في وصف الخوارج سيماهم التحالق ، أي : حلق شعر الرأس ولما أتى صبيغ إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، وكان يسأل عن المتشابهات فلما رآه قال : أنت صبيغ وعلا عليه بالدرة ، وقال : اكشفوا عن رأسه فوجد فيه شعرا فقال : لولا شعر رأسك لفعلت بك حيث ظن أنه من الخوارج فلما رأى شعر رأسه تركه وأمر أهل البصرة [ ص: 408 ] أن لا يخالطوه ، وقد تقدمت قصته في كتاب العلم ، ثم جاء زمان وفتحت بلاد العجم فصاروا يحلقونه ونسيت السنة حتى صار توفير شعر الرأس شعار العلويين والأتراك والمتصوفة وصار الحلق سنة متبوعة (و) جملة القول فيه أنه (لا بأس) الآن (بحلقه لمن أراد التنظيف) ، وهذا علي رضي الله عنه لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : تحت كل شعرة جنابة كان يقول : ومن ثم عاديت رأسي فكان يخففه ويقصه قصدا للتنظيف وربما استدل بعض الصوفية في حلق رأس المريد إذا تاب بما رواه أحمد وأبو داود من حديث كليب الجرمي رفعه ألق عنك شعر الكفر واختتن والإلقاء طرح الشيء ، وهو شامل لشعر الرأس وغيره ، وذكر صاحب الملامح أنه بدعة (ولا بأس بتركه) موفرا (لمن يدهنه ويرجله) ، أي : يسرحه ويتعاهد بخدمته (إلا إذا تركه قزعا ، أي :) حلق بعضه وترك بعضه (قطعا) متفرقة ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع وقزع رأسه تقزيعا حلقه كذلك (وهو دأب) ، أي : عادة (أهل الشطارة) ، وهم أهل اللؤم والخبث (أو أرسل الذوائب) ، أي : الخصل من شعر الرأس تتدلى على اليمين والشمال (على هيئة أهل الشرف) العلويين (حيث صار ذلك شعارا لهم) يعرفون به حتى أن بعضهم لقب بكيسودراز بهذا المعنى ، وهو مكروه (فإنه إذا لم يكن شريفا كان تلبيسا) ، وهو مثل العلامة الخضراء حيث صارت شعارا للفاطميين ، فإذا استعملها غيرهم كان تلبيسا فلأجل هذا صار متروكا ولم يوقت المصنف لحلق الرأس لكونه لم يرد والظاهر أنه يقاس على غيره في الحاجة إليه وطوله ، فإن احتاج ففي كل أربعين يوما مرة ، وهذا هو المألوف عند أهل البادية الآن أو في كل جمعة مرة كما هو المألوف في الأمصار وكره تعيينه في يوم السبت خاصة .




الخدمات العلمية