الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين ومائة

فمن الحوادث فيها:

إغارة الكرك على جدة في البحر .

وفيها: ولي عمر بن حفص بن عثمان بن أبي صفرة إفريقية ، وعزل عن السند ، وولي مكانه هشام بن عروة الثعلبي .

وسبب عزل عمر: أنه لما خرج محمد وإبراهيم بعث إليه محمد بولده عبد الله في جماعة من أصحابه إلى السند بحجة خيل حملوها ، فلما عرضت عليه قال له بعضهم:

أدنني منك . فلما أدناه قال له: إنما جئناك بما هو خير من الخيل فأعطنا أمانا على خلتين: إما قبلت ما آتيناك به ، وإما سترت حتى نخرج من أرضك . فأعطاهم الأمان ، فقالوا: ما للخيل أتيناك ، ولكن هذا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن أرسله أبوه إليك ، وقد خرج بالمدينة ودعا لنفسه بالخلافة ، وخرج أخوه إبراهيم بالبصرة ، وغلب عليها له . قال له: بالرحب والسعة ، ثم بايعهم وأمر به فتوارى عنده ، ودعا أهل بيته وقواده ، وكبراء أهل البلد إلى البيعة فأجابوه ، وقطع أعلاما بيضاء ، وملابس بيضا ، وهيأ لبسته من البياض يصعد فيها [إلى] المنبر ، وتهيأ لذلك يوم الخميس ، فجاءه الخبر بقتل محمد ، فدخل على ابنه فأخبره الخبر وعزاه ، فقال له: إن مكاني قد عرف ، ودمي في عنقك ، فقال: ها هنا ملك من ملوك السند كثير التبع ، وهو على شركه أشد الناس تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو رجل وفي ، فأرسل إليه ، فاعقد [ ص: 146 ] بينك وبينه عقدا ، قال: أفعل فأرسل إليه ، فأظهر كرامة وبرا ، فخرج في أربعمائة من أصحابه يتصيد ويتنزه ، وبلغ الخبر المنصور فعزل عمر ، وولى هشاما ، وقال له: إن أسلم ذلك الملك عبد الله بن محمد وإلا حاربه ، وكتب إلى عمر بولاية إفريقية ، فكان هشام يدفع عن عبد الله ويتمادى في أمره ، فخرجت خارجة ببلاد الشام فبعث إليهم أخاه ، فبينا هو يسير إذا [هو] برهج ، فظنه مقدمات العدو الذي يقصده ، فوجه طلائعه فقالوا: ليس بعدوك ، ولكن عبد الله بن محمد ركب متنزها ، فمضى يريده ، فقال له نصاحه: هذا ابن رسول الله ، وقد علمت أن أخاك قد تركه مخافة أن يبوء بدمه ولم يقصدك . فأعرض عنه ، فقال: لا أدع حظي من التقرب من المنصور بأخذه أو قتله ، فقصده ، وكان في عشرة آلاف ، فقاتله فقتل عبد الله وأصحابه كلهم ، فكتب بذلك إلى المنصور فشكره ، وأمره بمحاربة الملك الذي آواه فحاربه وظفر به وقتله وكان عبد الله قد اتخذ بحضرة ذلك الملك جواري فأولد منهن جارية ، فحملها وابنها إلى المنصور ، فأمر أن يسلم إلى أقربائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية