الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        القسم الثالث من الباب : في المسائل الحسابية .

                                                                                                                                                                        هذا فن طويل ، ولذلك جعلوه علما برأسه ، وأفردوه بالتدريس والتصنيف .

                                                                                                                                                                        وفيه أطراف .

                                                                                                                                                                        الأول : فيما إذا أوصى بجزء ، وفيه مسائل .

                                                                                                                                                                        إحداها : إذا أوصى بمثل نصيب ابنه ، وله ابن واحد لا يرثه غيره ، فالوصية بالنصف ، فإن لم يجز ، ردت إلى الثلث .

                                                                                                                                                                        وكذا لو كان له ابنان ، أو بنون فأوصى بمثل نصيبهما ، أو نصيبهم ، فهو كابن .

                                                                                                                                                                        ولو لم يكن له ابن ، أو لم يكن له وارثا لرق وغيره ، فالوصية باطلة .

                                                                                                                                                                        ولو قال : أوصيت له بنصيب ابني ، فوجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما عند العراقيين والبغوي : بطلان الوصية .

                                                                                                                                                                        وأصحهما عند الإمام والروياني وغيرهما وبه قطع وأبو منصور : صحتها .

                                                                                                                                                                        والمعنى : بمثل نصيب ابني .

                                                                                                                                                                        ويجري الوجهان فيما لو قال : بعتك عبدي بما باع به فلان فرسه وهما يعلمان قدره .

                                                                                                                                                                        فإن صححنا ، فهو وصية بالنصف على الصحيح .

                                                                                                                                                                        وقيل : بالكل ، حكاه البغوي .

                                                                                                                                                                        ولو كان له ابنان ، فأوصى بمثل نصيب أحدهما ، أو بمثل نصيب ابن ، فالوصية بالثلث .

                                                                                                                                                                        وإن كانوا ثلاثة ، فبالربع ، أو أربعة ، فبالخمس .

                                                                                                                                                                        وعلى هذا القياس .

                                                                                                                                                                        ويجعل الموصى له كابن آخر معهم .

                                                                                                                                                                        وضابطه : أن تصحح فريضة الميراث ، ويزاد عليها [ ص: 209 ] مثل نصيب الموصى له بمثل نصيبه ، حتى لو كان له بنت ، وأوصى بمثل نصيبها ، فالوصية بالثلث ; لأن المسألة من اثنين لو لم تكن وصية ، فتزيد على الاثنين سهما ، وتعطيه سهما من ثلاثة [ أسهم ] .

                                                                                                                                                                        ولو كان بنتان ، فأوصى بمثل نصيب أحدهما ، فالوصية بالربع ; لأن المسألة من ثلاثة لولا الوصية ، لكل واحدة سهم ، فتزيد للموصى له سهما ، فتبلغ أربعة .

                                                                                                                                                                        ولو أوصى بمثل نصيبيهما [ معا ] ، فالوصية بخمسي المال ، لأنها من ثلثه ، ونصيبهما منها اثنان ، فتزيد على الثلاثة سهمين .

                                                                                                                                                                        ولو أوصى - وله ثلاث بنات وأخ - بمثل نصيب واحدة ، فالوصية بسهمين من أحد عشر .

                                                                                                                                                                        لأنها من تسعة لولا الوصية .

                                                                                                                                                                        ونصيب كل بنت منهما سهمان ، فتزيدهما على التسعة .

                                                                                                                                                                        وكذا لو أوصى - وله ثلاثة بنين ، وثلاث بنات - بمثل نصيب ابن ، فالوصية بسهمين من أحد عشر .

                                                                                                                                                                        ولو كان له ثلاثة بنين ، وبنت ، وأوصى بمثل نصيبها ، فالوصية بالثمن .

                                                                                                                                                                        ولو كان ابن ، وثلاث بنات ، وأبوان ، وأوصى بمثل نصيب الابن ، فالوصية بثمانية أسهم من ثمانية وثلاثين .

                                                                                                                                                                        فرع : أوصى وله ابن بمثل نصيب ابن ثان لو كان ، أو أوصى وله ابنان بمثل نصيب ابن ثالث لو كان ، فالوصية في الأولى بالثلث .

                                                                                                                                                                        وفي الثانية بالربع .

                                                                                                                                                                        وقال الأستاذ أبو إسحاق : في الأولى بالنصف .

                                                                                                                                                                        وفي الثانية بالثلث والصحيح الأول .

                                                                                                                                                                        وهل يفرق بين قوله : بمثل نصيب ابن ثان ، أو ثالث لو كان ؟ وبين أن يحذف لفظة " مثل " فيقول : بنصيب ابن ثان ؟ القياس أنه على الوجهين فيما إذا أضاف [ ص: 210 ] إلى الوارث الموجود .

                                                                                                                                                                        وحكى الأستاذ وأبو منصور عن الأصحاب : أنهم فرقوا فقالوا : إذا أوصى بمثل نصيبه ، دفع إليه نصيبه لو كان زائدا على أصل الفريضة ، وإذا أوصى بنصيبه ، دفع إليه لو كان من أصل الفريضة .

                                                                                                                                                                        فعلى هذا ، لو أوصى وله ابنان بنصيب ثالث لو كان ، فالوصية بالثلث .

                                                                                                                                                                        ولو قال : بمثل نصيب ابن ثالث لو كان ، فبالربع كما سبق .

                                                                                                                                                                        ولو أوصى وله ثلاثة بنين ، بمثل نصيب بنت لو كانت ، فالوصية بالثمن ، وعلى قول الأستاذ أبي إسحاق : بالسبع .

                                                                                                                                                                        فرع لابن سريج : له ابنان ، وأوصى لزيد بمثل نصيب ابن رابع لو كان ، ولعمرو بمثل نصيب خامس لو كان ، فللحساب طريقان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : أن يقال : المسألة من اثنين لو لم يكن وصية ، ومن أربعة لو كانوا أربعة ، ومن خمسة لو كانوا خمسة ، فهنا اثنان ، وأربعة ، وخمسة ، [ والاثنان والأربعة متداخلان ] ، فتسقط الاثنين لدخولهما في الأربعة ، وتضرب أربعة في خمسة ، تبلغ عشرين ، وهذا العدد ينقسم على الاثنين بلا وصية ، وعلى الأربعة [ لو كانوا ] ، ونصيب كل واحد خمسة ، وعلى الخمسة [ لو كانوا ] ، ونصيب كل واحد أربعة ، فتزيد الأربعة والخمسة على العشرين ، تبلغ تسعة وعشرين ، لزيد منها خمسة ، ولعمرو أربعة ، والباقي للاثنين .

                                                                                                                                                                        الطريق الثاني : أن يقال : لو لم يكن إلا وصية زيد ، لكان له سهم من خمسة ، فيقسم الباقي على خمسة ، لوصيته لعمرو بمثل نصيب [ ابن ] خامس ، فيخرج من القسمة أربعة أخماس ، وهو نصيب كل ابن لو كانوا خمسة ، فتزيد على الخمسة [ ص: 211 ] لعمرو أربعة أخماس ، تكون خمسة وأربعة أخماس ، لزيد منها واحد ، ولعمرو أربعة أخماس ، والباقي للاثنين ، فإذا بسطناها أخماسا ، كانت [ تسعة ] وعشرين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية