الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          134 - مسألة : ولعاب الكفار من الرجال والنساء - الكتابيين وغيرهم - نجس كله ، وكذلك العرق منهم والدمع ، وكل ما كان منهم ، ولعاب كل ما لا يحل أكل لحمه من طائر أو غيره ، من خنزير أو كلب أو هر أو سبع أو فأر ، حاشا الضبع فقط ، وعرق كل ما ذكرنا ودمعه - حرام واجب اجتنابه . برهان ذلك قول الله تعالى : { إنما المشركون نجس } وبيقين يجب أن بعض النجس نجس ; لأن الكل ليس هو شيئا غير أبعاضه ، فإن قيل : إن معناه نجس الدين ، قيل : هبكم أن ذلك كذلك . أيجب من ذلك أن المشركين طاهرون ؟ حاشا لله من هذا وما فهم قط من قول الله تعالى : { إنما المشركون نجس } مع قول نبيه صلى الله عليه وسلم : { إن المؤمن لا ينجس } أن المشركين طاهرون ، ولا عجب في الدنيا أعجب ممن يقول فيمن نص الله تعالى أنهم نجس إنهم طاهرون ، ثم يقول في المني الذي لم يأت قط بنجاسته نص إنه نجس ، ويكفي من هذا القول سماعه . ونحمد الله على السلامة . فإن قيل : قد أبيح لنا نكاح الكتابيات ووطؤهن ، قلنا نعم ، فأي دليل في هذا على أن لعابها وعرقها ودمعها طاهر ؟ فإن قيل : إنه لا يقدر على التحفظ من ذلك . قلنا : هذا خطأ ، بل يفعل فيما مسه من لعابها وعرقها مثل الذي يفعل إذا مسه بولها أو دمها أو مائية فرجها ولا فرق ، ولا حرج في ذلك ، ثم هبك أنه لو صح لهم ذلك في [ ص: 138 ] نساء أهل الكتاب ، من أين لهم طهارة رجالهم أو طهارة النساء والرجال من غير أهل الكتاب ؟ فإن قالوا : قلنا ذلك قياسا على أهل الكتاب . قلنا : القياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ، لأن أول بطلانه أن علتهم في طهارة الكتابيات جواز نكاحهن ، وهذه العلة معدومة بإقرارهم في غير الكتابيات . والقياس عندهم لا يجوز إلا بعلة جامعة بين الحكمين ، وهذه علة مفرقة لا جامعة وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          وأما كل ما لا يحل أكله فهو حرام بالنص ، والحرام واجب اجتنابه ، وبعض الحرام حرام . وبعض الواجب اجتنابه واجب اجتنابه ، وروينا من طريق شعبة عن قتادة عن أبي الطفيل قال سمعت حذيفة بن أسيد يقول عن الدجال " ولا يسخر له من المطايا إلا الحمار فهو رجس على رجس " وقد قال أحمد بن حنبل : عرق الحمار نجس . وأما استثناء الضبع فلما حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير } . وبه إلى أبي داود ثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ثنا جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله قال { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع ، فقال : هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية