الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القاعدة التاسعة والثلاثون " ما لا يقبل التبعيض ، فاختيار بعضه كاختيار كله ، وإسقاط بعضه كإسقاط كله " .

                ومن فروعها : إذا قال : أنت طالق نصف طلقة أو بعضك طالق ، طلقت طلقة .

                [ ص: 161 ] ومنها : إذا عفا مستحق القصاص عن بعضه ، أو عفا بعض المستحقين ، سقط كله .

                ومنها إذا عفا الشفيع عن بعض حقه ، فالأصح سقوط كله ، والثاني لا يسقط شيء لأن التبعيض تعذر ، وليست الشفعة مما يسقط بالشبهة ، ففارقت القصاص والطلاق .

                ومنها : عتق بعض الرقبة ، أو عتق بعض المالكين نصيبه وهو موسر .

                ومنها : هل للإمام إرقاق بعض الأسير ؟ فيه وجهان ، فإن قلنا لا ، فضرب الرق على بعضه رق كله .

                قال الرافعي : وكان يجوز أن يقال : لا يرق شيء ، وضعفه ابن الرفعة بأن في إرقاق كله درء القتل ، وهو يسقط بالشبهة كالقصاص ، ثم وجهه بنظيره من الشفعة .

                ومنها : إذا قال : أحرمت بنصف نسك ، انعقد بنسك كالطلاق ، كما في زوائد الروضة ، ولا نظير لها في العبادات .

                ومنها : إذا اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبا ، لم يجز إفراده بالرد ، فلو قال رددت المعيب منهما ، فالأصح لا يكون ردا لهما ، وقيل يكون .

                ومنها : حد القذف ، ذكر الرافعي في باب الشفعة : أن بالعفو عن بعضه لا يسقط شيء عنه ، واستشهد به للوجه القائل بمثله في الشفعة ، وتبعه جماعة آخرهم السبكي .

                قال ولده ، ولم يذكر المسألة في باب حد القاذف ، وإنما ذكر فيه مسألة عفو بعض الورثة ، وفيها الأوجه المشهورة أصحها : أن لمن بقي استيفاء جميعه ، وهو يؤيد أن حد القذف لا يتبعض .

                قال : وفيه نظر فإنه جلدات معروفة العدد ، ولا ريب في أن الشخص لو عفا بعد جلد بعضها سقط ما بقي منها ، فكذلك إذا أسقط منها في الابتداء قدرا معلوما .

                تنبيه :

                حيث جعلنا اختيار البعض اختيارا للكل ، فهل هو بطريق السراية أو لا ، بل اختياره للبعض نفس اختياره للكل ؟ فيه خلاف مشهور في تبعيض الطلاق وطلاق البعض وعتق البعض وإرقاق البعض .

                ضابط :

                لا يزيد البعض على الكل إلا في مسألة واحدة وهي :

                إذا قال : أنت علي كظهر أمي فإنه صريح ، ولو قال : أنت علي كأمي لم يكن صريحا .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية