الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن سورة الحشر

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى - : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر قال مجاهد وقتادة : " أول الحشر جلاء بني النضير من اليهود ، فمنهم من خرج إلى خيبر ومنهم من خرج إلى الشام " وقال الزهري : قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صالحهم على الجلاء فأجلاهم إلى الشام ، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من شيء إلا الحلقة ، والحلقة السلاح . قال أبو بكر : قد انتظم ذلك معنيين :

أحدهما مصالحة أهل الحرب على الجلاء عن ديارهم من غير سبي ولا استرقاق ولا دخول في الذمة ولا أخذ جزية ، وهذا الحكم منسوخ عندنا إذا كان بالمسلمين قوة على قتالهم على الإسلام ؛ أو أداء الجزية وذلك لأن الله قد أمر بقتال الكفار حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية ، قال الله - تعالى - : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله إلى قوله : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقال : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ؛ فغير جائز إذا كان بالمسلمين قوة على قتالهم ، وإدخالهم في الذمة أو في الإسلام أن يجلوهم ، ولكنه لو عجز [ ص: 317 ] المسلمون عن مقاومتهم في إدخالهم في الإسلام أو الذمة جاز لهم مصالحتهم على الجلاء عن بلادهم والمعنى الثاني : جواز مصالحة أهل الحرب على مجهول من المال ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم على أراضيهم وعلى الحلقة وترك لهم ما أقلت الإبل ، وذلك مجهول وقوله تعالى : فاعتبروا يا أولي الأبصار فيه أمر بالاعتبار والقياس في أحكام الحوادث ضرب من الاعتبار ، فوجب استعماله بظاهر الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية