الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (87) قوله تعالى : أن تبوآ : يجوز في " أن " أن تكون المفسرة ؛ لأنه قد تقدمها ما هو بمعنى القول وهو الإيحاء ، ويجوز أن تكون المصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا مفعولا به أي : أوحينا إليهما التبوء .

                                                                                                                                                                                                                                      والجمهور على الهمزة في " تبوآ " . وقرأ حفص " تبويا " بياء خالصة ، وهي بدل عن الهمزة ، وهو تخفيف غير قياسي ، إذ قياس تخفيف مثل هذه الهمزة أن تكون بين الهمزة والألف ، وقد أنكر هذه الرواية عن حفص جماعة من القراء ، وقد خصها بعضهم بحالة الوقف ، وهو الذي لم يحك أبو عمرو الداني والشاطبي غيره . وبعضهم يطلق إبدالها عنه ياء وصلا ووقفا ، وعلى الجملة فهي قراءة ضعيفة في العربية وفي الرواية ، وتركت نصوص أهل القراءة خوف السآمة ، واستغناء بما وضعته في " شرح القصيد " .

                                                                                                                                                                                                                                      والتبوء : النزول والرجوع ، وقد تقدم تحقيق المادة في قوله تبوئ المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : لقومكما يجوز أن تكون اللام زائدة في المفعول الأول ، و " بيوتا " مفعول ثان بمعنى بوآ قومكما بيوتا ، أي : أنزلوهم ، وفعل وتفعل بمعنى مثل " علقها " و " تعلقها " قاله أبو البقاء . وفيه ضعف من حيث إنه [ ص: 259 ] زيدت اللام ، والعامل غير فرع ، ولم يتقدم المعمول . الثاني : أنها غير زائدة ، وفيها حينئذ وجهان ، أحدهما : أنها حال من " البيوت " . والثاني : أنها وما بعدها مفعول " تبوآ " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : بمصر جوز فيه أبو البقاء أوجها ، أحدها : أنه متعلق بـ " تبوآ " ، وهو الظاهر . الثاني : أنه حال من ضمير " تبوآ " ، واستضعفه ، ولم يبين وجه ضعفه لوضوحه . الثالث : أنه حال من " البيوت " . الرابع : أنه حال من " لقومكما " ، وقد ثنى الضمير في " تبوآ " وجمع في قوله " واجعلوا " و " أقيموا " ، وأفرد في قوله : " وبشر " ؛ لأن الأول أمر لهما ، والثاني لهما ولقومهما ، والثالث لموسى فقط ؛ لأن أخاه تبع له ، ولما كان فعل البشارة شريفا خص به موسى لأنه هو الأصل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية