الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (92) قوله تعالى : آلآن : منصوب بمحذوف أي : آمنت الآن ، أو أتؤمن الآن . وقوله : " وقد عصيت " جملة حالية ، وقد تقدم نظير ذلك قريبا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ببدنك فيه وجهان ، أحدهما : أنها باء المصاحبة بمعنى مصاحبا لبدنك وهي الدرع ، وفي التفسير : لم يصدقوا بغرقه ، وكانت له درع تعرف [ ص: 265 ] فألقي بنجوة من الأرض وعليه درعه ليعرفوه ، والعرب تطلق البدن على الدرع ، قال عمرو بن معديكرب :


                                                                                                                                                                                                                                      2628 - أعاذل شكتي بدني وسيفي وكل مقلص سلس القياد

                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر :


                                                                                                                                                                                                                                      2629 - ترى الأبدان فيها مسبغات     على الأبطال واليلب الحصينا

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : ببدنك أي عريان لا شيء عليه ، وقيل : بدنا بلا روح .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن تكون سببية على سبيل المجاز ؛ لأن بدنه سبب في تنجيته ، وذلك على قراءة ابن مسعود وابن السميفع " بندائك " من النداء وهو الدعاء أي : بما نادى به في قومه من كفرانه في قوله ونادى فرعون في قومه فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ يعقوب " ننجيك " مخففا من أنجاه . وقرأ أبو حنيفة " بأبدانك " جمعا : إما على إرادة الأدراع لأنه كان يلبس كثيرا منها خوفا على نفسه ، أو جعل [ ص: 266 ] كل جزء من بدنه بدنا كقوله : " شابت مفارقه " قال :


                                                                                                                                                                                                                                      2630 - ... ... ... ...     شاب المفارق واكتسين قتيرا



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن مسعود وابن السميفع ويزيد البربري " ننحيك " بالحاء المهملة من التنحية أي : نلقيك بناحية فيما يلي البحر ، وفي التفسير : أنه رماه إلى ساحل البحر كالثور . وهل ننجيك من النجاة بمعنى نبعدك مما وقع فيه قومك من قعر البحر وهو تهكم بهم ، أو من ألقاه على نجوة أي : ربوة مرتفعة ، أو من النجاة وهو الترك أو من النجاء وهو العلامة ، وكل هذه معان لائقة بالقصة . والظاهر أن قوله : " فاليوم ننجيك " خبر محض . وزعم بعضهم أنه على نية همزة الاستفهام وفيه بعد لحذفها من غير دليل ، ولأن التعليل بقوله " لتكون " لا يناسب الاستفهام .

                                                                                                                                                                                                                                      و " لتكون " متعلق بـ " ننجيك " و " آية " أي : علامة ، و " لمن خلفك " في محل نصب على الحال من " آية " لأنه في الأصل صفة لها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية