الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة " قال ابن عباس : لو شاء أن يجعلهم كلهم مسلمين لفعل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ولا يزالون مختلفين " في المشار إليهم قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 172 ] أحدهما : أنهم أهل الحق وأهل الباطل ، رواه الضحاك عن ابن عباس ; فيكون المعنى : إن هؤلاء يخالفون هؤلاء .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أنهم أهل الأهواء لا يزالون مختلفين ، رواه عكرمة عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " إلا من رحم ربك " قال ابن عباس : هم أهل الحق . وقال الحسن : أهل رحمة الله لا يختلفون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ولذلك خلقهم " في المشار إليه بذلك أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أنه يرجع إلى ما هم عليه . قال ابن عباس : خلقهم فريقين ، فريقا يرحم فلا يختلف ، وفريقا لا يرحم يختلف .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أنه يرجع إلى الشقاء والسعادة ، قاله ابن عباس أيضا ، واختاره الزجاج ، قال : لأن اختلافهم مؤديهم إلى سعادة وشقاوة . قال ابن جرير : واللام في قوله : " ولذلك " بمعنى " على " .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أنه يرجع إلى الاختلاف ، رواه مبارك عن الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع : أنه يرجع إلى الرحمة ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ; فعلى هذا يكون المعنى : ولرحمته خلق الذين لا يختلفون في دينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وتمت كلمة ربك " قال ابن عباس : وجب قول ربك : " لأملأن جهنم " من كفار الجنة ، وكفار الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية