الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قال محمد بن جرير : كان مالك قد ضرب بالسياط ، واختلف في سبب ذلك ، فحدثني العباس بن الوليد ، حدثنا ابن ذكوان ، عن مروان [ ص: 80 ] الطاطري ، أن أبا جعفر نهى مالكا عن الحديث : ليس على مستكره طلاق ثم دس إليه من يسأله ، فحدثه به على رءوس الناس ، فضربه بالسياط .

                                                                                      وحدثنا العباس ، حدثنا إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه ، حمل يده بالأخرى .

                                                                                      ابن سعد : حدثنا الواقدي قال : لما دعي مالك ، وشوور ، وسمع منه ، وقبل قوله ، حسد ، وبغوه بكل شيء ، فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة ، سعوا به إليه ، وكثروا عليه عنده ، وقالوا : لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء ، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره : أنه لا يجوز عنده ، قال : فغضب جعفر ، فدعا بمالك ، فاحتج عليه بما رفع إليه عنه ، فأمر بتجريده ، وضربه بالسياط ، وجبذت يده حتى انخلعت من [ ص: 81 ] كتفه ، وارتكب منه أمر عظيم ، فوالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو .

                                                                                      قلت : هذا ثمرة المحنة المحمودة ، أنها ترفع العبد عند المؤمنين ، وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ، ويعفو الله عن كثير ، ومن يرد الله به خيرا يصب منه وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى : ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين وأنزل تعالى في وقعة أحد قوله : أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم وقال : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ ، واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه ، فالله حكم مقسط ، ثم يحمد الله على سلامة دينه ، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له .

                                                                                      قال القاضي عياض : ألف في مناقب مالك - رحمه الله - جماعة منهم القاضي أبو عبد الله التستري المالكي ، له في ذلك ثلاث مجلدات ، وأبو الحسن بن فهر المصري وجعفر بن محمد الفريابي القاضي ، وأبو بشر الدولابي الحافظ ، والزبير بن بكار ، وأبو علاثة محمد بن أبي غسان ، [ ص: 82 ] وابن حبيب ، وأبو محمد بن الجارود ، وأحمد بن رشدين ، وأبو عمرو المغامي والحسن بن إسماعيل الضراب ، وأبو الحسن بن منتاب ، وأبو إسحاق بن شعبان ، وأبو بكر أحمد بن محمد اليقطيني ، والحافظ أبو نصر بن الجبان ، وأبو بكر بن روزبة الدمشقي ، والقاضي أبو عبد الله الزنكاني وأبو الحسن بن عبيد الله الزبيري ، وأبو بكر أحمد بن مروان الدينوري ، والقاضي أبو بكر الأبهري ، والقاضي أبو الفضل القشيري ، وأبو بكر بن اللباد ، وأبو محمد بن أبي زيد ، والحافظ أبو عبد الله الحاكم ، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي ، وأبو عمر الطلمنكي ، وأبو عمر بن حزم الصدفي ، وأبو عمر بن عبد البر ، والقاضي أبو محمد بن نصر ، وابن الإمام التطيلي ، وابن حارث القروي ، والقاضي أبو الوليد الباجي ، وأبو مروان بن أصبغ . وقد جمع الحافظ أبو بكر الخطيب كتابا كبيرا في الرواة عن مالك ، وشيء من روايتهم عنه .

                                                                                      قلت : وللحافظ أبي نعيم ترجمة طولى في " الحلية " لمالك . وممن ألف في الرواة عنه : الإمام أبو عبد الله بن مفرج ، والإمام أبو عبد الله بن أبي دليم ، وعبد الرحمن بن محمد البكري . [ ص: 83 ]

                                                                                      قال عياض : واستقصينا كتابنا هذا في أخبار مالك من تصانيف المحدثين : ككتب البخاري ، والزبير ، وابن أبي حاتم ، ووكيع القاضي ، والدارقطني ، وابن جرير الطبري ، والصولي ، وأحمد بن كامل ، وأبي سعيد بن يونس الصدفي ، وأبي عمر الكندي ، وأبي عمر الصدفي القرطبي ، وأبي عبد الله بن حارث القروي ، وأبي العرب التميمي ، وأبي إسحاق بن الرفيق الكاتب ، وأبي علي بن البصري في القرويين ، وتاريخ أبي بكر بن أبي عبد الله المالكي في القرويين ، وتواريخ الأندلس : ككتاب أبي عبد الله بن عبد البر ، وكتاب " الاحتفال " لأبي عمر بن عفيف ، و " الانتخاب " لأبي القاسم بن مفرج ، وتاريخ أبي محمد بن الفرضي ، وتواريخ أبي مروان ، وابن حيان ، والرازي ، وكتاب أحمد بن عبد الرحمن بن مظاهر . وما وقع إلي من تاريخ الخطيب في البغداديين ، وكتاب أبي نصر الأمير وطبقات أبي إسحاق الشيرازي ، وكتاب ابن عبد البر في الأئمة الثلاثة ورواتهم .

                                                                                      قال القاضي : وحققنا من روى " الموطأ " عن مالك ، ومن نص عليهم أصحاب الأثر والنقاد : ابن وهب ، ابن القاسم ، محمد بن الحسن ، الغاز بن قيس ، زياد شبطون ، الشافعي ، القعنبي ، معن بن عيسى ، عبد الله بن [ ص: 84 ] يوسف ، يحيى بن يحيى التميمي ، يحيى بن يحيى الليثي ، يحيى بن بكير ، مطرف بن عبد الله اليساري ، عبد الله بن عبد الحكم ، موسى بن طارق ، أسد بن الفرات ، ومحمد بن المبارك الصوري ، أبو مسهر الغساني ، حبيب كاتب الليث ، قرعوس بن العباس ، أحمد بن منصور الحراني يحيى بن صالح الوحاظي ، يحيى بن مضر ، سعيد بن داود الزبيري ، مصعب بن عبد الله الزبيري ، أبو مصعب الزهري ، سويد بن سعيد ، سعيد بن أبي مريم ، سعيد بن عفير ، علي بن زياد التونسي ، قتيبة بن سعيد الثقفي ، عتيق بن يعقوب الزبيري ، محمد بن شروس الصنعاني ، إسحاق بن عيسى بن الطباع ، خالد بن نزار الأيلي ، إسماعيل بن أبي أويس ، وأخوه أبو بكر ، عيسى بن شجرة المغربي ، بربر المغني والد الزبير بن بكار ، أبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي .

                                                                                      خاتمة من روى عنه : قيل : إن زكريا بن دويد الكندي لقي مالكا ، ولكنه كذاب ، بقي إلى سنة نيف وستين ومائتين ، وعليه بنى الخطيب في كتاب : " السابق واللاحق " ، خلف بن جرير القروي ، محمد بن يحيى السبائي ، محرز بن هارون ، سعيد بن عبدوس ، عباس بن ناصح ، عبيد بن حيان الدمشقي ، أيوب بن صالح الرملي ، حفص بن عبد السلام ، وأخوه حسان ، يحيى وفاطمة ولدا مالك ، سليمان بن برد ، عبد الرحمن بن [ ص: 85 ] خالد ، عبد الرحمن بن هند ، عبد الرحمن بن عبد الله الأندلسي .

                                                                                      وقد قيل : إن قاضي البصرة محمد بن عبد الله الأنصاري روى " الموطأ " عن مالك إجازة . وقيل : إن أبا يوسف القاضي رواه عن رجل ، عن مالك ، وما زال العلماء قديما وحديثا لهم أتم اعتناء برواية " الموطأ " ومعرفته ، وتحصيله . وقد جمع إسماعيل القاضي أحاديث الموطأ عن رجاله ، عن مالك ، وسائر ما وقع له من حديث مالك .

                                                                                      وألف قاسم بن أصبغ الحافظ حديث مالك ، وأبو القاسم الجوهري ، وأبو الحسن القابسي عمل " الملخص " ، وحفظه خلق من الطلبة . وألف أبو ذر الهروي " مسند الموطآت " ، وألف أبو بكر القباب حديث مالك . ولأبي الحسن بن حبيب السجلماسي " مسند الموطأ " ، ولفلان المطرز ، ولأبي عبد الله الجيزي ، وأحمد بن بندار الفارسي ، وأبي سعيد بن الأعرابي ، وابن مفرج .

                                                                                      وألف النسائي " مسند مالك " ، وأبو أحمد بن عدي ، وأحمد بن إبراهيم بن جامع السكري ، وابن عفير ، وأبو عبد الله النيسابوري السراج ، وأبو بكر بن زياد النيسابوري ، وأبو حفص بن شاهين ، وأبو العرب التميمي ، ويحيى بن سعيد ، والحافظ أبو القاسم الأندلسي ، وأبو عمر بن عبد البر ، له : " التقصي " ، ومحمد بن عيشون الطليطلي . وألف مسند مالك أبو القاسم الجوهري ، وذلك غير ما في [ ص: 86 ] " الموطأ " ، والحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي ، وأبو بكر محمد بن عيسى الحضرمي ، وأبو الفضل بن أبي عمران الهروي . وعمل الدارقطني كتاب " اختلافات الموطأ " . وألف دعلج السجزي غرائب حديث مالك ، وابن الجارود ، وقاسم بن أصبغ .

                                                                                      وعمل الدارقطني أيضا " الأحاديث التي خولف فيها مالك " . ولأبي بكر البزار مؤلف في ذلك . وعمل محمد بن المظفر الحافظ ما وصله مالك خارج موطئه ، وألف أبو عمر بن نصر الطليطلي " مسند الموطأ " وكذا إبراهيم بن نصر ، وأحمد بن سعيد بن فرضخ الإخميمي ، والمحدث أبو سليمان بن زبر ، وأسامة بن علي المصري ، وموسى بن هارون الحمال الحافظ ، والقاضي أبو بكر بن السليم أفرد ما ليس في " الموطأ " . وعمل أبو الحسن بن أبي طالب العابر كتاب " موطأ الموطأ " . وعمل الدارقطني الخطيب أطراف الموطأ . وعمل له شرحا يحيى بن مزين الفقيه ، وله كتاب في رجاله . ولابن وهب فيه شرح ، ولعيسى بن دينار ، ولعبد الله بن نافع الصائغ ، ولحرملة ، ولابن حبيب ، ولمحمد بن سحنون . ولمسلم مؤلف في شيوخ مالك . وللبرقي " رجال الموطأ " ، وللطلمنكي وأبي عبد الله بن الحذاء ، [ ص: 87 ] ولأبي عبد الله بن مفرج ، ولأحمد بن عمران الأخفش في غريبه . وللبرقي ، وللغساني المصري ، ولأبي جعفر الداودي ، ولأبي مروان القنازعي ، ولأبي عبد الملك البوني .

                                                                                      وجمع ابن جوصا بين " الموطأ " رواية ابن وهب وابن القاسم ، ولغيره جمع بين رواية يحيى بن يحيى ، وأبي مصعب . ولابن عبد البر شرحان ، وهما : " التمهيد " و " الاستذكار " وله كتاب ما رواه مالك خارح الموطأ . وعمل على " الموطأ " أبو الوليد الباجي كتاب : " الإيمان " ، وكتاب : " المنتقى " ، وعمل كتاب : " الاستيفاء " ، طويل جدا ، ولم يتمه .

                                                                                      وشرحه أبو الوليد بن الصفار في كتاب اسمه : " الموعب " . لم يتمه . وكتاب : " المحلى في شرح الموطأ " للقاضي محمد بن سليمان بن خليفة . ولأبي محمد بن حزم شرح . ولأبي بكر بن سائق شرح ، ولابن أبي صفرة شرح . ولأبي عبد الله بن الحاج القاضي شرح . ولشيخنا أبي الوليد بن العواد : " الجمع بين التمهيد والاستذكار " ما تم . ولأبي محمد بن السيد البطليوسي شرح كبير . ولابن عيشون : " توجيه الموطأ " . [ ص: 88 ] ولعثمان بن عبد ربه المعافري الدباغ شيء في ذلك على أبواب " الموطأ " . ولأبي القاسم بن الجد : " اختصار التمهيد " ولحازم بن محمد بن حازم كتاب " السافر عن آثار الموطأ " . و " تفسير الموطأ " لأبي الحسن الإشبيلي . وتفسير لابن شراحيل . وللطلمنكي تفسير لم يتم . و " شرح مسند الموطأ " ليونس بن مغيث . وللمهلب بن أبي صفرة في ذلك . ولأخيه أبي عبد الله في ذلك . وللقاضي أبي بكر بن العربي كتاب : " القبس في شرح الموطأ " . ولأبي محمد بن يربوع الحافظ كتاب على معرفة رجال الموطأ . ولعاصم النحوي شريح لم يكمل . ولأبي بكر بن موهب القيري ، شرح الملخص في مجلدات .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية