الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (94) قوله تعالى : فإن كنت : في " إن " هذه وجهان ، الظاهر منهما : أنها شرطية ، ثم استشكلوا على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن في شك قط . قال الزمخشري : " فإن قلت كيف قال لرسوله : فإن كنت في شك مع قوله للكفرة : " وإنهم لفي شك منه مريب " ؟ قلت : فرق عظيم بين إثباته الشك لهم على سبيل التوكيد والتحقيق ، وبين قوله : " فإن كنت " بمعنى الفرض والتمثيل " . وقال الشيخ : " وإذا كانت شرطية فقالوا : إنها تدخل على الممكن وجوده أو المحقق وجوده المبهم زمن وقوعه كقوله تعالى : أفإن مت فهم الخالدون . قال " والذي أقوله إن " إن " الشرطية تقتضي تعليق شيء على شيء ، ولا تستلزم تحتم وقوعه ولا إمكانه ، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلا كقوله تعالى : إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، ومستحيل أن يكون له ولد فكذلك [هذا] ، مستحيل أن يكون في شك ، وفي المستحيل عادة كقوله تعالى : فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض لكن وقوعها في تعليق المستحيل قليل " . ثم قال : " ولما خفي هذا [ ص: 268 ] الوجه على أكثر الناس اختلفوا في تخريج هذه الآية ، فقال ابن عطية : " الصواب أنها مخاطبة ، والمراد من سواه من أمته ممن يمكن أن يشك أو يعارض " . وقيل : كنى بالشك عن الضيق . وقيل : كنى به عن العجب ، ووجه المجاز فيه أن كلا منهما فيه تردد ، وقال الكسائي : إن كنت في شك أن هذا عادتهم مع الأنبياء فسلهم كيف كان صبر موسى عليه السلام ؟

                                                                                                                                                                                                                                      الوجه الثاني من وجهي " إن " أنها نافية . قال الزمخشري : " أي : فما كنت في شك فاسأل ، يعني لا نأمرك بالسؤال لكونك شاكا ولكن لتزداد يقينا كما ازداد إبراهيم عليه السلام بمعاينة إحياء الموتى . وهذا القول سبقه إليه الحسن البصري والحسين بن الفضل وكأنه فرار من الإشكال المتقدم في جعلها شرطية ، وقد تقدم جوابه من وجوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ يحيى وإبراهيم : " يقرءون الكتب " بالجمع ، وهي مبينة أن المراد بالكتاب الجنس لا كتاب واحد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية