الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          بعد أن بين سبحانه أنه الخالق للكون والأرزاق، والمدبر للوجود وحده أخذ يبين عجز من اتخذوهم أربابا من دونه، فقال تعالى:

                                                          قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون

                                                          أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يتولى جدالهم وإفحامهم وأن يسألهم هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده وشركاؤهم: الأوثان والأحجار والأناسي التي ادعوا أنها شركاء لله في العبادة، أي: هل في الأوثان التي تعبدونها أو غيرها مما زعمتم من يبدأ الخلق ثم يعيده. [ ص: 3564 ]

                                                          والتعبير بالمضارع لإفادة استمرار البدء والإعادة، كالزرع في خلقه وتكوينه ثم يصير حطاما، ثم يعاد مرة أخرى.

                                                          وفي النص الكريم إشارة إلى القدرة على الإعادة كالقدرة على الابتداء، كما قال في آية أخرى: كما بدأكم تعودون فالإشارة واضحة إلى إمكان البعث بل وجوبه وقد أنكروه ولأنهم لا يؤمنون بالإعادة وينكرونها أمر الله تعالى نبيه بأن يتولى الإجابة على إنكارهم، وللإشارة إلى أن ذلك موضع تسليم لا امتراء عند أهل العقول المستقيمة، وأيضا لمنع لجاجتهم ولإرشادهم إلى الحق: قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده وإذا كانوا ينكرون الإعادة من الله فأولى أن ينكروها من أحجار لا تضر ولا تنفع، بل إنهم يعلمون أنها لا تستطيع الإنشاء فأولى ألا تستطيع الإعادة.

                                                          ولذلك تولى النبي - صلى الله عليه وسلم - الإجابة ليقيم الحجة عليهم بأن ما بدأ يستطيع الإعادة فأنى تؤفكون أي: تصرفون عن الحق إلى الباطل.

                                                          (الفاء) لترتيب الاستفهام الإنكاري على إنكارهم المستمر والموقف السلبي الذي يقفونه لا يتحركون بخطوة إيجابية إلا في الإيذاء والاستهزاء والفتنة في الدين، والاستفهام إنكاري لإنكار الواقع، فالله تعالى ينكر انصرافهم عن الحق ولجاجتهم في الانصراف والاستمرار في غيهم (فأنى) بمعنى " كيف ".

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية