الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم .

" بسم الله " أي باسم مسمى هذا اللفظ الأعظم ، الموصوف بأوصاف الكمال ، فالباء متعلقة بمحذوف ، وتقديره فعلا خاصا مؤخرا أولى من تقديره اسما عاما مقدما ، أما أولوية كونه فعلا ; فلأنه الأصل في العمل ، وحينئذ فمحل الجار والمجرور النصب على المفعولية بالفعل المقدر ، وأما أولوية كونه خاصا ; فلأنه أدل على المطلوب ، فتقدير أؤلف عند التأليف أولى من أبتدئ ، وكذا عند القراءة ونحو ذلك ، فيقدر عند كل أمر ما يناسبه ، وأما أولوية تقديره مؤخرا فلأمرين : أحدهما الاهتمام بالابتداء باسم الله - تعالى - لفظا وتقديرا ; لأنه - تعالى - [ ص: 29 ] مقدم ذاتا ، فقدم ذكرا ليوافق الاسم المسمى ، والثاني لإفادة التخصيص ، كما في قوله - تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، لا يقال الأولى . ملاحظة : قوله - تعالى : ( اقرأ باسم ربك ) ; لأنا نقول المطلوب الأهم ثم القراءة ; لأنها أول ما نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - وأول ما طرق المسامع الشريفة من الوحي ، فكان الأنسب تقديم القراءة لمزيد الاعتناء بها ، والاهتمام لها .

وحذفت همزة الوصل من الاسم خطا كما حذفت لفظا ، وكتبت الباء متصلة بالسين لكثرة الاستعمال ، وطولت الباء للتعظيم ، ولتكون كالعوض عن الهمزة ، ويروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه ضرب من لم يطول الباء . وهي للاستعانة أو المصاحبة أو التعدية ، أي : أقدم اسم الله ، وأجعله ابتداء نظمي وتأليفي . والاسم لغة : ما دل على مسمى ، وعرفا : ما دل مفردا على معنى في نفسه ، ولم يقترن بزمان . والتسمية جعل اللفظ دالا على المعنى ، وهو مشتق عند البصريين من السمو وهو العلو ; لأنه يدل على مسماه فيعليه ويظهره ، وعند الكوفيين من السمة وهي العلامة ; لأنه علامة على مسماه ، وأوصل بعضهم لغات الاسم إلى ثمانية عشر ، ونظمها في قوله : ثمان وعشر من لغات أتت لنا في الاسم بنص العارفين بنقلها سم سمة اسم سماء كذا سما سماة بتثليث الأوائل كلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية