الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الهمزة :

تأتي على وجهين :

أحدهما : الاستفهام ، وحقيقته طلب الإفهام ، وهي أصل أدواته ، ومن ثم اختصت بأمور :

أحدها : جواز حذفها ، كما سيأتي في النوع السادس والخمسين .

ثانيها : أنها ترد لطلب التصور والتصديق ، بخلاف ( هل ) ، فإنها للتصديق خاصة ، وسائر الأدوات للتصور خاصة . :

ثالثها : أنها تدخل على الإثبات ، نحو : أكان للناس عجبا [ يونس : 2 ] آلذكرين حرم [ الأنعام : 143 ] وعلى النفي ، نحو : ألم نشرح [ الشرح : 1 ] وتفيد حينئذ معنيين :

أحدهما : التذكر والتنبيه كالمثال المذكور ، وكقوله تعالى : ألم تر إلى ربك كيف مد الظل [ الفرقان : 45 ] .

والآخر : التعجب من الأمر العظيم ، كقوله تعالى : ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت [ البقرة : 243 ] وفي كلا الحالين هي تحذير ، نحو : ألم نهلك الأولين [ المرسلات : 16 ] : .

رابعها : تقديمها على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير ، نحو : أوكلما عاهدوا عهدا [ البقرة : 100 ] أفأمن أهل القرى [ الأعراف : 97 ] أثم إذا ما وقع [ يونس : 51 ] وسائر أخواتها يتأخر عنه ، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة ، نحو : فكيف تتقون [ المزمل : 17 ] فأين تذهبون [ التكوير : 26 ] فأنى تؤفكون [ الأنعام : 95 ] فهل يهلك [ الأحقاف : 35 ] فأي الفريقين [ الأنعام : 81 ] فما لكم في المنافقين [ النساء : 88 ] . :

خامسها : أنه لا يستفهم بها حتى يهجس في النفس إثبات ما يستفهم عنه ، بخلاف ( هل ) فإنه لما لا يترجح عنده فيه نفي ولا إثبات . حكاه أبو حيان عن بعضهم . :

سادسها : أنها تدخل على الشرط ، نحو : أفإن مت فهم الخالدون [ الأنبياء : 34 ] أفإن مات أو قتل انقلبتم [ آل عمران : 144 ] بخلاف غيرها . :

وتخرج عن الاستفهام الحقيقي ، فتأتي لمعان تذكر في النوع السابع والخمسين .

[ ص: 456 ] فائدة : إذا دخلت على ( رأيت ) امتنع أن تكون من رؤية البصر أو القلب ، وصار بمعنى ( أخبرني ) وقد تبدل ( هاء ) وخرج على ذلك قراءة قنبل ( ها أنتم هؤلاء ) [ آل عمران : 66 ] بالقصر ، وقد تقع في القسم ، ومنه ما قرئ [ المائدة : 106 ] : ولا نكتم شهادة [ المائدة : 106 ] بالتنوين ( آلله ) بالمد .

الثاني من وجهي الهمزة : أن تكون حرفا ينادى به القريب ، وجعل منه الفراء قوله تعالى أمن هو قانت آناء الليل ساجدا [ الزمر : 9 ] على قراءة تخفيف الميم أي : صاحب هذه الصفات .

قال هشام : ويبعده أنه ليس في التنزيل نداء بغير ( ياء ) ويقربه سلامته من دعوى المجاز ، إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته ، ومن دعوى كثرة الحذف ، إذ التقرير عند من جعلها للاستفهام : أمن هو قانت خير أم هذا الكافر . أي : المخاطب بقوله : قل تمتع بكفرك قليلا [ الزمر : 8 ] فحذف شيئان : معادل الهمزة والخبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية