الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين

                                                                                                                                                                                                                                      80 - ولما سأل عبد الله بن عبد الله ابن أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لأبيه في مرضه، نزل: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم وقد مر أن هذا الأمر في معنى الخبر، كأنه قيل: لن يغفر الله لهم استغفرت لهم، أم لم تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم والسبعون جار مجرى المثل في كلامهم [ ص: 698 ] للتكثير، وليس على التحديد والغاية، إذ لو استغفر لهم مدة حياته لن يغفر الله لهم; لأنهم كفار، والله لا يغفر لمن كفر به. والمعنى: وإن بالغت في الاستغفار فلن يغفر الله لهم، وقد وردت الأخبار بذكر السبعين، وكلها تدل على الكثرة، لا على التحديد والغاية، ووجه تخصيص السبعين من بين سائر الأعداد: أن العدد قليل وكثير، فالقليل ما دون الثلاث، والكثير الثلاث فما فوقها، وأدنى الكثير الثلاث، وليس لأقصاه غاية، والعدد أيضا نوعان: شفع ووتر، وأول الأشفاع اثنان، وأول الأوتار ثلاثة، والواحد ليس بعدد، والسبعة أول الجمع الكثير من النوعين; لأن فيها أوتارا ثلاثة وأشفاعا ثلاثة، والعشرة كمال الحساب; لأن ما جاوز العشرة فهو إضافة الآحاد إلى العشرة، كقولك: اثنا عشر، وثلاثة عشر إلى عشرين، والعشرون تكرير العشرة مرتين، والثلاثون تكريرها ثلاثة مرات، وكذلك إلى مائة، فالسبعون يجمع الكثرة والنوع والكثرة منه، وكمال الحساب والكثرة منه، فصار السبعون أدنى الكثير من العدد من كل وجه، ولا غاية لأقصاه، فجاز أن يكون تخصيص السبعين لهذا المعنى، والله أعلم ذلك إشارة إلى اليأس من المغفرة بأنهم بسبب أنهم كفروا بالله ورسوله ولا غفران للكافرين والله لا يهدي القوم الفاسقين الخارجين عن الإيمان ما داموا مختارين للكفر، والطغيان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية