الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 3583 ] لكل أمة رسول

                                                          قال تعالى:

                                                          ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون

                                                          * * *

                                                          إن الله تعالى لا يظلم الناس فما كان ليعاقب إلا بعد أن يبين الحق ويدعو إلى الرشاد، وينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، ولذلك كان لكل أمة رسول كما قال سبحانه: وإن من أمة إلا خلا فيها نذير

                                                          وقد اتجه المفسرون في قوله تعالى لكل أمة رسول اتجاهين:

                                                          الاتجاه الأول - أن ذلك يوم القيامة حيث يجيء كل رسول يشهد لأمته بما كسبت ويشهد عليها بما اكتسبت فيقضى بينهم بالقسط، أي: بالعدل الموزون بميزان الحق وهم لا يظلمون، أي: أن القضاء يكون الإنصاف فلا ظلم قط.

                                                          والاتجاه الثاني - أن هذا نظام الله تعالى الذي سنه في الدنيا يرسل لكل أمة رسولا، ونكر كلمة رسول فلم يأت به معرفة لتعدد الرسالات وتنوعها، [ ص: 3584 ] فمنهم من جاء لتربية القوة والعزة كما هي شريعة التوراة التي نزلت على موسى، ومنهم من جاء لتربية الروح والنفس كما هي شريعة عيسى لبني إسرائيل الذين غلظت أكبادهم.

                                                          وقوله تعالى: فإذا جاء رسولهم أي: جاء في وسطهم يدعوهم إلى سواء السبيل، كان من أجاب منهم له ثوابه ومن أعرض ونأى بجانبه حق عليه عقابه، وهذا معنى قوله تعالى: قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون

                                                          ونرى أنه لا تعارض بين الاتجاهين، ويمكن الجمع بينهما، فيكون الرسول داعيا في الدنيا، ويكون في إجابته المهتدي والضال، ثم يكون يوم القيامة شاهدا على الفريقين، والله أعلم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية