الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 421 ] كتاب الطلاق

                                                                                                        باب طلاق السنة

                                                                                                        قال : ( الطلاق على ثلاثة أوجه : حسن ، وأحسن ، وبدعي . فالأحسن : أن يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ويتركها حتى تنقضي عدتها ) لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة ، فإن هذا أفضل عندهم من أن يطلقها الرجل ثلاثا عند كل طهر واحدة ولأنه أبعد من الندامة وأقل ضررا بالمرأة ولا خلاف لأحد في الكراهة

                                                                                                        [ ص: 419 - 421 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 419 - 421 ] كتاب الطلاق قوله : روي أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة ; قلت : أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم النخعي ، قال : كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض انتهى .

                                                                                                        الحديث الأول : { قال عليه السلام لابن عمر : إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا ، فتطلقها لكل قرء تطليقة }; قلت : رواه الدارقطني في " سننه " من حديث معلى بن منصور ثنا شعيب بن رزيق أن عطاء الخراساني حدثهم عن الحسن ثنا { عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ، ثم أراد أن يتبعها تطليقتين أخريين عند القرأين ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن عمر ما هكذا أمرك الله ، قد أخطأت السنة ، والسنة أن تستقبل الطهر ، فتطلق لكل قرء ، فأمرني فراجعتها ، فقال : إذا هي طهرت فطلق عند ذلك ، أو أمسك ، فقلت : يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن [ ص: 422 ] أراجعها ؟ فقال : لا ، كانت تبين منك ، وتكون معصية }انتهى . وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة الدارقطني ، وأعله بمعلى بن منصور ، وقال : رماه أحمد بالكذب انتهى .

                                                                                                        قلت : لم يعله البيهقي في " المعرفة " إلا بعطاء الخراساني ، وقال : إنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها ، وهو ضعيف في الحديث ، لا يقبل ما تفرد به انتهى .

                                                                                                        قلت : قد رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ثنا أبي ثنا شعيب بن رزيق به سندا ومتنا ; وقال صاحب " التنقيح " : عطاء الخراساني قال ابن حبان : كان صالحا ، غير أنه كان رديء الحفظ ، [ ص: 423 ] كثير الوهم ، فبطل الاحتجاج به ، وقد صرح الحسن بسماعه من ابن عمر ، قال الإمام أحمد ، فيما رواه عنه ابنه صالح : الحسن سمع من ابن عمر ; وكذلك قال أبو حاتم ; وقيل لأبي زرعة : الحسن لقي ابن عمر ؟ قال : نعم انتهى كلامه [ ص: 424 ] الحديث الثاني : قال عليه السلام لعمر : { مر ابنك فليراجعها } ، وكان قد طلقها في حالة الحيض ; قلت : أخرجه الأئمة الستة عن { ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مره فليراجعها ، ثم يمسكها حتى [ ص: 425 ] تطهر ، ثم تحيض ، فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا ، قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله }انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ للبخاري ، ومسلم ، أنه طلق امرأته تطليقة [ ص: 426 ] واحدة ، وهي حائض ، وفي لفظ لهما : قال : طلقت امرأتي وهي حائض ، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " مره فليراجعها حتى تحيض حيضة مستقبلة ، سوى حيضتها التي طلقها فيها ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها ، فذلك الطلاق للعدة ، كما أمر الله عز وجل " ; وكان عبد الله طلقها تطليقة ، فحسبت من طلاقها ، وراجعها عبد الله ، كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري في " الطلاق وفي التفسير وفي الأحكام " ، والباقون في " الطلاق " .




                                                                                                        الخدمات العلمية