الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما نفى السبيل عمن وصفه كر على ذم من انتفى عنه هذا الوصف فقال تعالى: إنما السبيل أي: باللوم وغيره على الذين يستأذنونك أي: يطلبون إذنك في التخلف عنك راغبين فيه وهم أغنياء أي: فلا عذر لهم في التخلف عنك وعدم مواساتك، وتضمن قوله تعالى مستأنفا: رضوا بأن يكونوا أي: كونا كأنه جبلة لهم مع الخوالف انتفاء [ ص: 575 ] الضعف والمرض عنهم من حيث إنه علل فعلهم برضاهم بالتخلف فأفهم ذلك أنه لا علة لهم سواه، وأفهم أيضا أن كل من كان كذلك كان مثلهم ولو أنه ضعيف أو مريض، وكرر ذكر الخوالف تكريرا لعيبهم برضاهم بالكون في عداد النساء؛ إذ كان ذلك من أعظم المعايب عند العرب، وسمى الفاعل للطبع حيث حذفه من الأولى، ولما ذكره عظم الأمر فاقتضى ذلك عظم الطبع فنفى مطلق العلم فقال عاطفا على رضوا وطبع الله أي الذي له القدرة الكاملة والعلم المحيط على قلوبهم ثم سبب عن ذلك الرضى والطبع قوله: فهم لا يعلمون أي: لا علم له فلذلك جهلوا ما في الجهاد من منافع الدارين لهم فلذلك رضوا بما لا يرضى به عاقل، وهو أبلغ من نفي الفقه في الأولى، وزاد المناسبة حسنا ضم الأعراب في هذه الآيات إلى أهل الحاضرة وهم بعيدون من الفقه جديرون بعدم العلم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية