الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          إن من فضل الله على عباده نزول القرآن الكريم المشتمل على هذا الفضل العظيم الذي يقول فيه سبحانه:

                                                          قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون

                                                          أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: بفضل الله وبرحمته أي: أن هذا القرآن الذي نزل جامعا للموعظة المبينة وشفاء القلوب وهدايتها، والشريعة هي من فضل الله على خلقه الذي يختص بها من يشاء، وبرحمته على عباده الذين أنقذهم من الضلال، وفي هذا بيان بأن تنزيل القرآن وما فيه هو بفضل الله ورحمته، وتكرار حرف الجر (الباء)، لبيان أن كليهما مراد الله تعالى من تنزيل الكتاب، ثم يبين سبحانه أن هذا القرآن بما فيه هو أساس للسعادة والسرور والفرح لقوله تعالى: [ ص: 3597 ] فبذلك فليفرحوا والفاء الثانية واقعة في جواب الشرط المقدر المطوي في قوله تعالى. فبذلك أي: فإن ذلك النزول إذا كان من فضل الله ورحمته فليفرحوا، وتكررت (الباء) لتأكيد أن ذلك الفضل وتلك الرحمة من أسباب الفرحة وهو يزيد على كل خير الدنيا; ولذلك قال تعالى: هو خير مما يجمعون الضمير في (هو) يعود إلى القرآن بما فيه من موعظة وهداية وشفاء لأسقام القلوب، خير مما يجمعون أي: من أموال ورخاء في الدنيا وأسباب القوة وغير ذلك مما هم حريصون على جمعه راغبين فيه، فإنه إن كان يفرح زمنا فإنه يكون وبالا على صاحبه، والمفاضلة هنا هي بين منافع مادية عاجلة ومنافع روحية، وكلمة خير تدل على أنه بلغ أعلى الدرجات عن هذا الذي يجمعونه.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية