الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إذ [4]

                                                                                                                                                                                                                                        في موضع نصب على الظرف ( قال يوسف ) لم ينصرف لأنه عجمي ، وقرأ طلحة بن مصرف ( إذ قال يؤسف ) بالهمز وكسر السين وحكى أبو زيد يؤسف بالهمز وفتح السين ( لأبيه ) خفض باللام وعلامة خفضه الياء والمحذوف منه واو يدل على ذلك أبوان ( يا أبت ) بكسر التاء قراءة عاصم ونافع وحمزة والكسائي والأعمش ، وقرأ أبو جعفر والأعرج وعبد الله بن عامر ( يا أبت ) بفتح التاء وأجاز الفراء يا أبت بضم التاء ، قال أبو جعفر : إذا قلت يا أبت بكسر التاء فالتاء عند سيبويه بدل من ياء الإضافة ولا يجوز على قوله الوقف إلا بالهاء وله على قوله دلائل منها أن قولك يا أبت يؤدي عن معنى قولك يا أبي وأنه لا يقال يا أبة إلا في المعرفة ولا يقال جاءني أبة [ ص: 311 ] لا يستعمل العرب هذا إلا في النداء خاصة ولا يقال يا أبتي لأن التاء بدل من الياء فلا يجمع بينهما وزعم الفراء أنه إذا قال يا أبت فكسر وقف على التاء لا غير لأن الياء في النية وزعم أبو إسحاق أن هذا خطأ والحق ما قال كيف تكون في النية وليس يقال يا أبتا فأما قولنا بكسر التاء ولم نقل بكسر الهاء فلأن الكسر إنما يقع في الإدراج ولو قلت مررت بامرأة لقلت علامة الخفض كسرة التاء ولا يقول كسرة الهاء إلا من لا يدري ويا أبت بفتح التاء مشكل في النحو وفيه أقوال فمذهب سيبويه أنهم شبهوا هذه الهاء التي هي بدل من الياء بالهاء التي هي علامة التأنيث فقالوا يا أبت كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        كليني لهم يا أميمة ناصب



                                                                                                                                                                                                                                        وهذا أحد قولي الفراء وله قول آخر ، وهو قول قطرب وأبي عبيدة وأبي حاتم يكون الأصل يا أبتاه ثم حذف الألف ويكون الوقوف عند الفراء على قول بالتاء لا غير وعلى القول الذي وافق فيه سيبويه بالهاء عندهما جميعا لا غير وهذا القول خطأ لأن هذا ليس موضع ندبة والألف خفيفة لا تحذف ، وقال قطرب أيضا في يا أبت بالفتح يكون الأصل يا أبتا ثم حذف التنوين ، وقال أبو جعفر : وهذا الذي لا يجوز لأن التنوين لا يحذف لغير علة وأيضا فإنما يدخل التنوين في [ ص: 312 ] النكرة ولا يقال في النكرة يا أبة وفي الفتح قول رابع كأنه أحسنها يكون الأصل الكسر ثم أبدل من الكسرة فتحة كما تبدل من الياء ألف فيقال في يا غلامي أقبل يا غلاما أقبل وزعم أبو إسحاق أنه لا يجوز يا أبة بالضم ، قال أبو جعفر : ذلك عندي لا يمتنع كما أجاز سيبويه الفتح تشبيها بهاء التأنيث كما يجوز الضم تشبيها بها أيضا ( إني رأيت أحد عشر كوكبا ) ليس بين النحويين اختلاف لأنه يقال جاءني أحد عشر ومررت بأحد عشر وكذلك ثلاثة عشر وتسعة عشر وما بينهما فذهب الفراء أنهم لما ضموا أحد الاسمين إلى الآخر كرهوا أن يعربوا الأول فيخرج عن باب العدد وكرهوا أن يعربوا الثاني فيشبه بعلبك فحركوهما حركة واحدة كما كانا قبل البناء ، وقال الكسائي : النصب مغيض النحو كلما صرف شيء عن جهته نصب ، وقال البصريون النصب أخف الحركات فلما ضم أحد الاسمين إلى الآخر حركا بأخف الحركات ، وقال بعضهم لما حذفت الواو وكانت مفتوحة حركوا الاسمين بحركتها ولا اختلاف بين البصريين أن تعريف هذا بإدخال الألف واللام في أوله فتقول مضى الأحد عشر رجلا لا غير وأجاز الكسائي والفراء مضى الأحد العشر ، قال الفراء : لتوهمهم انفصال أحدهما من الآخر وأجاز إدخال الألف واللام في المميز وذا محال عند البصريين لأن المميز واحد يدل على جمع فإذا كان معروفا لم يكن فيه هذا المعنى ، قال الفراء : فإن أضفت إلى نفسك أعربت الأول فقلت هذه خمسة عشري ومررت بخمسة عشري قال لما لم يجز أن تضيفه إلى الأول لأن بينهما [ ص: 313 ] عشرا أعربت الأول ولا يجوز المميز ها هنا لاختلاف إعرابيهما ، قال أبو جعفر : هذا يبطل كل ما مر وسمعت محمد بن الوليد يقول سمعت أبا العباس يقول ربما قرأ علي إسماعيل بن إسحاق الشيء من كلام الفراء فأستحسنه فلا ينتهي إلى آخره حتى يفسده قال سيبويه واعلم أن العرب تجعل خمسة عشر وما أشبهها في الألف واللام والإضافة على حال والعلة عند أصحابه في هذا أن الجهة التي بنيت من أجلها موجودة مع الألف واللام والإضافة وقد حكى سيبويه هذه خمسة عشرك برفع الثاني وزعم الفراء أنه يقال ما رأيت خمسة عشر قط خيرا منها بخفض عشر وتنوينها ، قال : ولا يدخل المميز ها هنا ، وقال أبو جعفر : وذا لا يجوز عند البصريين أيضا ، وقرأ أبو جعفر والحسن ( إني رأيت أحد عشر ) بإسكان العين فزعم الأخفش والفراء أنهم استثقلوا الحركات فحذفوا لما كثرت ، قال أبو جعفر : لم يذكر هذا سيبويه ، بل يجب على نص كلامه أن لا يجوز لأنه قال أحد عشر مثل أحد جمل ولا يجوز عنده حذف الفتحة لخفتها ( والشمس والقمر ) عطف عليه ( رأيتهم ) توكيد ، وقال رأيتهم لي ساجدين فجاء مذكرا فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لما خبر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل جعل فيهما يكون لما يعقل .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية