الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        لا يصح الإيداع إلا من جائز التصرف . فلو أودع صبي أو مجنون مالا ، لم يقبله ، فإن قبله ، ضمنه ، ولا يزول الضمان إلا بالرد إلى الناظر في أمره . لكن لو خاف هلاكه في يده فأخذه على وجه الحسبة صونا له ، لم يضمنه على الأصح .

                                                                                                                                                                        ولا يصح الإيداع إلا عند جائز التصرف ، فلو أودع مالا عند صبي ، فتلف ، لم يضمنه ، إذ ليس عليه حفظه ، فهو كما لو تركه عند بالغ من غير استحفاظ فتلف . وإن أتلفه الصبي ، [ ص: 326 ] فقولان . ويقال : وجهان . أحدهما : لا ضمان ؛ لأن المالك سلطه عليه ، فصار كما لو باعه أو أقرضه وأقبضه فأتلفه ، فلا ضمان قطعا . وأظهرهما : يضمن ، كما لو أتلف مال غيره من غير استحفاظ . ولا تسليط على الإتلاف هنا ، بخلاف البيع والقرض .

                                                                                                                                                                        ولو أودع ماله عند عبد فتلف عنده ، فلا ضمان . وإن أتلفه ، فهل يتعلق الضمان برقبته كما لو أتلف ابتداء ، أم بذمته كما لو باعه ؟ فيه الخلاف المذكور في الصبي . وإيداع السفيه والإيداع عنده ، كإيداع الصبي والإيداع عنده .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        استنبطوه من الخلاف المذكور في الصبي والعبد أصلا في الباب

                                                                                                                                                                        وهو أن الوديعة عقد برأسه ، أم إذن مجرد ؟ إن قلنا عقد ، لم يضمنه الصبي ، ولم يتعلق برقبة العبد . وإن قلنا : إذن ، فبالعكس ، وخرجوا عليه ولدالجارية المودعة ، ونتاج البهيمة . إن قلنا : عقد ، فالولد وديعة كالأم ، وإلا ، فليس بوديعة ، بل أمانة شرعية في يده يجب ردها في الحال ، حتى لو لم يؤد مع التمكن ، ضمن على الأصح ، كذا قاله البغوي .

                                                                                                                                                                        وقال المتولي : إن قلنا : عقد ، لم يكن وديعة ، بل أمانة ، اعتبارا بعقد الرهن والإجارة ، وإلا فهل يتعدى حكم الأم إلى الولد كالأضحية ، أم لا كالعارية ؟ وجهان ، والموافق لإطلاق الجمهور كون الوديعة عقدا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية