الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول الرجل لولا الله ما اهتدينا

                                                                                                                                                                                                        6809 حدثنا عبدان أخبرني أبي عن شعبة حدثنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل معنا التراب يوم الأحزاب ولقد رأيته وارى التراب بياض بطنه يقول لولا أنت ما اهتدينا نحن ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا إن الألى وربما قال الملا قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا أبينا يرفع بها صوته

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( باب قول الرجل ) كذا للأكثر وللمستملي والسرخسي " قول النبي صلى الله عليه وسلم " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( لولا أنت ما اهتدينا ) إشارة إلى رواية مختصرة أوردها في " باب حفر الخندق " في أوائل الجهاد من وجه آخر عن شعبة بلفظ كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل ويقول لولا أنت ما اهتدينا وأورده في " غزوة [ ص: 236 ] الخندق " من وجه آخر عن شعبة أتم سياقا وقوله هنا لولا أنت ما اهتدينا وفي بعضها " لولا الله " هكذا وقع بحذف بعض الجزء الأول ويسمى " الخرم " بالخاء المعجمة والراء الساكنة ، وتقدم في " غزوة الخندق " من وجه آخر عن شعبة بلفظ والله لولا الله ما اهتدينا وهو موافق للفظ الترجمة ، ومن وجه آخر عن أبي إسحاق اللهم لولا أنت ما اهتدينا
                                                                                                                                                                                                        وفي أول هذا الجزء زيادة سبب خفيف وهو " الخزم " بالزاي ، وتقدمت الإشارة إلى هذا في " كتاب الأدب " والرواية الوسطى سالمة من الخرم والخزم معا . وقوله هنا " إن الألى " وربما قال إن الملأ قد بغوا علينا تقدم في غزوة الخندق إن الألى قد بغوا علينا
                                                                                                                                                                                                        ولم يتردد و " الألى " بهمزة مضموما غير ممدودة واللام بعدها مفتوحة وهي بمعنى " الذين " وإنما يتزن بلفظ الذين فكأن أحد الرواة ذكرها بالمعنى ، ومضى في الجهاد من وجه آخر عن أبي إسحاق بلفظ إن العدا " وهو غير موزون أيضا ولو كان الأعادي " لا تزن ، وعند النسائي من وجه آخر عن سلمة بن الأكوع والمشركون قد بغوا علينا وهذا موزون ، ذكره في رجز عامر بن الأكوع ، وتقدم شرحه مستوفى في " غزوه خيبر " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : قبل ذلك ولقد رأيته وارى التراب ) بسكون الألف وفتح الراء بلفظ الفعل الماضي من المواراة ، أي " غطى " وزنه ومعناه كذا للجميع إلا الكشميهني فوقع في روايته " وإن التراب لموار " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بياض بطنه ) كذا للجميع إلا الكشميهني فقال " بياض إبطيه " تثنية الإبط ووقع في الرواية التي في المغازي حتى " اغبر بطنه " وفي الرواية الأخرى رأيته ينقل من تراب الخندق ، حتى وارى عني التراب جلدة بطنه فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة ، يعني عبد الله الشاعر الأنصاري الصحابي المشهور ، وقد تقدم في غزوة خيبر أنه من شعر عامر بن الأكوع ، وذكرت وجه الجمع بينهما هناك وما في الأبيات المذكورة من زحاف وتوجيهه . وتقدم ما يتعلق بحكم الشعر إنشادا وإنشاء في حق النبي صلى الله عليه وسلم وفي حق من دونه في أواخر " كتاب الأدب " بحمد الله تعالى ، قال ابن بطال : لولا " عند العرب يمتنع بها الشيء لوجود غيره تقول " لولا زيد ما صرت إليك " أي كان مصيري إليك من أجل زيد وكذلك " لولا الله ما اهتدينا " أي كانت هدايتنا من قبل الله تعالى وقال الراغب لوقوع غيره ، ويلزم خبره الحذف ويستغنى بجوابه عن الخبر " قال " وتجيء بمعنى " هلا " نحو " لولا أرسلت إلينا رسولا " ومثله " لوما " بالميم بدل اللام وقال ابن هشام " لولا " تجيء على ثلاثة أوجه أحدها : أن تدخل على جملة لتربط امتناع الثانية بوجود الأولى نحو " لولا زيد لأكرمتك " أي لولا وجوده ، وأما حديث " لولا أن أشق " فالتقدير " لولا مخافة أن أشق " لأمرت أمر إيجاب وإلا لانعكس معناها ، إذ الممتنع المشقة ، والموجود الأمر . والوجه الثاني : أنها تجيء " للحض " وهو طلب بحث وإزعاج و " للعرض " وهو طلب بلين وأدب ، فتختص بالمضارع نحو لولا تستغفرون الله والوجه الثالث : أنها تجيء " للتوبيخ والتندم " فتختص بالماضي نحو لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء أي " هلا " انتهى . وذكر أبو عبيد الهروي في الغريبين أنها تجيء بمعنى " لم لا " وجعل منه قوله تعالى فلولا كانت قرية آمنت والجمهور أنها من القسم الثالث وموقع الحديث من الترجمة أن هذه الصيغة إذا علق بها القول الحق ، لا يمنع بخلاف ما لو علق بها ما ليس بحق ، كمن يفعل شيئا فيقع في محذور فيقول : لولا فعلت كذا ما كان كذا ، فلو حقق لعلم أن الذي قدره الله لا بد من وقوعه ، سواء فعل أم ترك فقولها واعتقاد معناها يفضي إلى التكذيب بالقدر .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية