الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القاعدة الرابعة النذر ، هل يسلك به مسلك الواجب ، أو الجائز ؟ قولان : والترجيح مختلف في الفروع : فمنها : نذر الصلاة ، والأصح فيه الأول ; فيلزمه ركعتان . ولا يجوز القعود مع القدرة ولا فعلهما على الراحلة ، ولا يجمع بينها وبين فرض ، أو نذر آخر بتيمم .

                ولو نذر بعض ركعة ، أو سجدة : لم ينعقد نذره ، على الأصح ، في الجميع . ومنها : نذر الصوم ، والأصح فيه : الأول . فيجب التثبيت ، ولا يجزي إمساك بعض يوم ، ولا ينعقد نذر بعض يوم .

                ومنها : إذا نذر الخطبة في الاستسقاء ، ونحوه ، والأصح فيها : الأول ، حتى يجب فيها القيام عند القدرة .

                ومنها : نذر أن يكسو يتيما ، والأصح فيه : الأول ، فلا يخرج عن نذره بيتيم ذمي .

                ومنها : نذر الأضحية ، والأصح فيها : الأول فيشترط فيها السن ، والسلامة من العيوب

                ومنها : نذر الهدي ، ولم يسم شيئا ، والأصح فيه : الأول ، فلا يجزئ إلا ما يجزئ في الهدي الشرعي ، ويجب إيصاله إلى الحرم .

                [ ص: 165 ] ومنها : الحج ، والأصح فيه : الأول ، فلو نذره معضوب ، لم يجز أن يستنيب صبيا أو عبدا ، أو سفيها بعد الحجر ، لم يجز للولي منعه .

                ومنها : نذر إتيان المسجد الحرام ، والأصح فيه : الأول ، فلزم إتيانه بحج ، أو عمرة .

                ومنها : الأكل من المنذورة ، والأصح فيه : أنه إن كان في معينة ، فله الأكل ، أو في الذمة فلا .

                ومنها : العتق ، والأصح فيه : الثاني ، فيجزئ عتق كافر ، ومعيب .

                ومنها : لو نذر أن يصلي ركعتين ، فصلى أربعا بتسليمة بتشهد ، أو تشهدين ، والأصح : فيه : الثاني ، فيجزيه .

                ومنها : لو نذر أربع ركعات ، فأداها بتسليمتين ، والأصح فيه : الثاني ، فتجزيه .

                قال في زوائد الروضة : والفرق بينهما وبين سائر المسائل المخرجة على الأصل غلبة وقوع الصلاة ، وزيادة فضلها .

                ومنها : نذر القربات التي لم توضع لتكون عبادة ، وإنما هي أعمال ، وأخلاق مستحسنة ، رغب الشرع فيها ، لعموم فائدتها ، كعيادة المريض ، وإفشاء السلام ، وزيارة القادمين ، وتشميت العاطس ، وتشييع الجنائز ، والأصح فيها : الثاني ، فتلزم بالنذر ، وعلى مقابله : لا تلزم لأن هذه الأمور لا يجب جنسها بالشرع .

                ومنها : لو نذر صوم يوم معين ، والأصح فيه الثاني ، فلا يثبت له خواص رمضان من الكفارة بالجماع فيه ، ووجوب الإمساك لو أفطر فيه ، وعدم قبول صوم آخر من قضاء ، أو كفارة ، بل لو صامه عن قضاء أو كفارة : صح .

                وفي التهذيب وجه : أنه لا ينعقد ، كأيام رمضان .

                ومنها : نذر الصلاة قاعدا ، الأصح فيه الثاني : فلا يلزمه القيام عند القدرة :

                قال الإمام : وقد جزم الأصحاب فيما لو قال : علي أن أصلي ركعة واحدة بأنه لا يلزمه إلا ركعة ، ولم يخرجوه على الخلاف ، وتكلفوا بينهما فرقا .

                قال ولا فرق ، فيجب تنزيله ، على الخلاف .

                ومثله : لو أصبح ممسكا ، فنذر الصوم يومه ففي لزوم الوفاء قولان بناء على الأصل المذكور ، فإنه بالإضافة إلى واجب الشرع بمنزلة الركعة بالإضافة إلى أقل واجب الصلاة . قال الإمام : والذي أراه اللزوم ، وأقره الشيخان ، فعلى هذا يكون المصحح فيه الثاني

                ومنها : إذا نذر صوم الدهر فلزمته كفارة ، والأصح فيه : الثاني . فيصوم عنها ويفدي عن النذر وعلى الآخر : لا . بل هو كالعاجز عن جميع الخصال .

                ومما يصلح أن يعد من فروع القاعدة : لو نذر الطواف لم يجزه إلا سبعة أشواط ، ولا يكفي طوفة واحدة ، وإن كان يجوز التطوع بها كما ذكر في الخادم : تنزيلا لها منزلة الركعة لا السجدة منها .

                [ ص: 166 ] ومما سلك بالنذر فيه مسلك الجائز : الطواف المنذور ، فإنه تجب فيه النية ، كما تجب في النفل ، ولا تجب في الفرض لشمول نية الحج والعمرة له ، وهذا المعنى منتف في النفل والنذر ولو نذر صلاة : لم يؤذن لها ، ولا يقيم . ولم يحكوا فيه خلافا ، وكأن السبب فيه أن الأذان حق الوقت على الجديد ، وحق المكتوبة على القديم ، وحق الجماعة على رأيه ، في الإملاء والثلاثة منتفية في المنذورة .

                على أن صاحب الذخائر قال : إن المنذورة يؤذن لها ويقيم إذا قلنا : سلك بالمنذور واجب الشرع لكن قال في شرح المهذب : إنه غلط منه وأن الأصحاب اتفقوا على خلافه ، وخرج النذر عن الفرض والنفل معا ، في صورة ، وهي : ما إذا نذر القراءة ، فإنه تجب نيتها ، كما نقله القمولي في الجواهر ، مع أن قراءة النفل لا نية لها ، وكذا القراءة المفروضة في الصلاة .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية