الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                      102 - وآخرون أي: قوم آخرون سوى المذكورين اعترفوا بذنوبهم أي: لم يعتذروا من تخلفهم بالمعاذير الكاذبة كغيرهم، ولكن اعترفوا على أنفسهم بأنهم بئس ما فعلوا نادمين، وكانوا عشرة: فسبعة منهم لما بلغهم ما نزل في المتخلفين أوثقوا أنفسهم على سواري المسجد، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل المسجد، فصلى ركعتين -وكانت عادته كلما قدم من سفر- فرآهم موثقين، فسأل عنهم، فذكروا له: أنهم أقسموا ألا يحلوا أنفسهم حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلهم، فقال: "وأنا أقسم ألا أحلهم حتى أؤمر فيهم". فنزلت، فأطلقهم، فقالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها، وطهرنا. فقال: "ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا". فنزل خذ من أموالهم صدقة خلطوا عملا صالحا خروجا إلى الجهاد وآخر سيئا تخلفا عنه، أو التوبة، والإثم. وهو من قولهم: بعت الشاء شاة ودرهما، أي: شاة بدرهم، فالواو بمعنى الباء; لأن الواو للجمع، والباء للإلصاق، فيتناسبان. أو المعنى: خلط كل واحد منهما بالآخر، فكل واحد منهما مخلوط ومخلوط به، كقولك: خلطت الماء واللبن، تريد: خلطت كل واحد منهما بصاحبه، بخلاف قولك: خلطت الماء باللبن; لأنك جعلت الماء مخلوطا واللبن مخلوطا به، وإذا قلته بالواو فقد جعلت الماء واللبن مخلوطين ومخلوطا بهما، كأنك قلت: خلطت الماء باللبن، واللبن بالماء عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ولم يذكر توبتهم; لأنه ذكر اعترافهم بذنوبهم، وهو دليل على التوبة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية