الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف بملك أو غيره فجملة الكلام فيه أن الحالف لا يخلو إما أن اقتصر على الإضافة وإما أن جمع بين الإضافة والإشارة والإضافة لا تخلو إما أن تكون إضافة ملك أو إضافة نسبة من غير ملك فإن اقتصر في يمينه على الإضافة والإضافة إضافة ملك فيمينه على ما في ملك فلان يوم فعل ما حلف عليه حتى يحنث سواء كان الذي أضافه إلى ملك فلان في ملكه يوم حلف أو لم يكن بأن حلف لا يأكل طعام فلان أو لا يشرب شراب فلان أو لا يدخل دار فلان أو لا يركب دابة فلان أو لا يلبس ثوب فلان أو لا يكلم عبد فلان ولم يكن شيء منها في ملكه ثم استحدث الملك فيها هذا جواب ظاهر الرواية في الأصل والزيادات وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف .

                                                                                                                                وروي عنه رواية أخرى أن الإضافة إذا كانت فيما يستحدث الملك فيه حالا فحالا في العادة فإن اليمين تقع على ما في ملكه يوم فعل كالطعام والشراب والدهن وإن كانت الإضافة فيما يستدام فيه الملك ولا يستحدث ساعة فساعة عادة فاليمين على ما كان في ملكه يوم حلف كالدار والعبد والثوب وذكر ابن سماعة في نوادره [ ص: 79 ] عن محمد أن ذلك كله ما في ملكه يوم حلف ولا خلاف في أنه إذا حلف لا يكلم زوج فلانة أو امرأة فلان أو صديق فلان أو ابن فلان أو أخ فلان ولا نية له أن ذلك على ما كان يوم حلف ولا تقع على ما يحدث من الزوجية والصداقة والولد ففرق في ظاهر الرواية بين الإضافتين وسوى بينهما في النوادر وجه رواية النوادر أن الإضافة تقتضي الوجود حقيقة إذ الموجود يضاف لا المعدوم فلا تقع يمينه إلا على الموجود يوم الحلف ولهذا وقعت على الموجود في إحدى الإضافتين وهي إضافة النسبة كذا في الأخرى وجه ظاهر الرواية وهو الفرق بين الإضافتين أن في إضافة الملك عقد يمينه على مذكور مضاف إلى فلان بالملك مطلقا عن الجهة وهي أن يكون مضافا إليه بملك كان وقت الحلف أو بملك استحدث فلا يجوز تقييد المطلق إلا بدليل وقد وجدت الإضافة عند الفعل فيحنث وفي إضافة النسبة قام دليل التقييد وهي أن أعيانهم مقصودة باليمين لأجلهم عرفا وعادة لما تبين فانعقدت على الوجود وصار كما لو ذكرهم بأساميهم أو أشار إليهم فأما الملك فلا يقصد باليمين لذاته بل لمالك فيزول بزوال ملكه وأبو يوسف على ما روي عنه ادعى تقييد المطلق بالعرف .

                                                                                                                                وقال استحداث الملك في الدار ونحوها غير متعارف بل هو في حكم الندرة حتى يقال الدار هي أول ما يشترى وآخر ما يباع وتقييد المطلق بالعرف جائز فتقييد اليمين فيها بالموجود وقت الحلف للعرف بخلاف الطعام والشراب ونحوهما لأن استحداث الملك فيها معتاد فلم يوجد دليل التقييد والجواب أن دعوى العرف على الوجه المذكور ممنوعة بل العرف مشترك فلا يجوز تقييد المطلق بعادة مشتركة ولو حلف لا يدخل دار فلان فالصحيح أنه على هذا الاختلاف لأن كل إضافة تقدر فيها اللام فكان الفصلان من الطعام والعبد ونحوهما على الاختلاف ثم في إضافة الملك إذا كان المحلوف عليه في ملك الحالف وقت الحلف فخرج عن ملكه ثم فعل لا يحنث بالإجماع .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية