الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 579 ] القول في تأويل قوله ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ( 84 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك " : فجاهد يا محمد أعداء الله من أهل الشرك به . " في سبيل الله " يعني : في دينه الذي شرعه لك ، وهو الإسلام ، وقاتلهم فيه بنفسك .

فأما قوله : " لا تكلف إلا نفسك " فإنه يعني : لا يكلفك الله فيما فرض عليك من جهاد عدوه وعدوك إلا ما حملك من ذلك دون ما حمل غيرك منه أي : إنك إنما تتبع بما اكتسبته دون ما اكتسبه غيرك ، وإنما عليك ما كلفته دون ما كلفه غيرك .

ثم قال له : " وحرض المؤمنين " يعني : وحضهم على قتال من أمرتك بقتالهم معك " عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا " : يقول : لعل الله أن يكف قتال من كفر بالله وجحد وحدانيته وأنكر رسالتك عنك وعنهم ، ونكايتهم .

وقد بينا فيما مضى أن " عسى " من الله واجبة ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . [ ص: 580 ]

" والله أشد بأسا وأشد تنكيلا " يقول : والله أشد نكاية في عدوه من أهل الكفر به منهم فيك يا محمد وفي أصحابك ، فلا تنكلن عن قتالهم ، فإني راصدهم بالبأس والنكاية والتنكيل والعقوبة ؛ لأوهن كيدهم ، وأضعف بأسهم ، وأعلي الحق عليهم .

والتنكيل مصدر من قول القائل : نكلت بفلان فأنا أنكل به تنكيلا : إذا أوجعته عقوبة ، كما : -

10014 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : وأشد تنكيلا : أي عقوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية