الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1698 ) فصل : وإن أخرج عن الواجب سنا أعلى من جنسه ، مثل أن يخرج بنت لبون عن بنت مخاض ، وحقة عن بنت لبون أو بنت مخاض ، أو أخرج عن الجذعة ابنتي لبون أو حقتين ، جاز . لا نعلم فيه خلافا ; لأنه زاد على الواجب من جنسه ما يجزئ عنه مع غيره ، فكان مجزيا عنه على انفراده ، كما لو كانت الزيادة في العدد .

                                                                                                                                            وقد روى الإمام أحمد في " مسنده " ، وأبو داود ، في " سننه " ، بإسنادهما عن أبي بن كعب قال : { بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا ، فمررت برجل ، فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا بنت مخاض . فقلت له : أد بنت مخاض ، فإنها صدقتك . فقال : ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ، ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة ، فخذها . فقلت : ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب ، فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي فافعل ، فإن قبله منك قبلته ، وإن رده عليك رددته . قال : فإني فاعل . فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي ، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا نبي الله ، أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي ، وأيم الله ، ما قام في مالي رسول الله ولا رسوله قط قبله ، فجمعت له مالي ، فزعم أن ما علي فيه بنت مخاض ، وذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ، وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينة عظيمة ليأخذها فأبى ، وها هي ذه ، قد جئتك بها يا رسول الله ، خذها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك الذي وجب عليك ، فإن تطوعت بخير أجزل الله فيه ، وقبلناه منك . فقال : فها هي ذه يا رسول الله ، قد جئتك بها . قال : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها ، ودعا له في ماله [ ص: 234 ] بالبركة . } وهكذا الحكم إذا أخرج أعلى من الواجب في الصفة مثل أن يخرج السمينة مكان الهزيلة ، والصحيحة مكان المريضة ، والكريمة مكان اللئيمة ، والحامل عن الحوائل ، فإنها تقبل منه وتجزئه ، وله أجر الزيادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية