الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فلما سمعت بمكرهن [31]

                                                                                                                                                                                                                                        أي بعيبهن إياها واحتيالهن في ذمها ( أرسلت إليهن ) في الكلام حذف أي أرسلت إليهن تدعوهن إلى وليمة لتوقعهن فيما وقعت فيه ( وأعتدت ) من [ ص: 326 ] العتاد ، وهو كل شيء جعلته عدة لشيء ( متكأ ) أصح ما قيل فيه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال مجلسا وأما قول الجماعة من أهل التفسير إنه الطعام فيجوز على تقدير طعام متكأ مثل واسأل القرية ودل على هذا الحذف ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) لأن حضور النساء ومعهن السكاكين إنما هو الطعام يقطع بالسكاكين والأصل في متكأ موتكأ ومثله متزن ومتعد من وزنت ووعدت ووكأت ويقال تكيء يتكأ تكأة ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) مفعولان وحكى الكسائي والفراء : أن السكين يذكر ويؤنث وأنشد الفراء :


                                                                                                                                                                                                                                        فعيث في السنام غداة قر بسكين موثقة النصاب



                                                                                                                                                                                                                                        والأصمعي لا يعرف في السكين إلا التذكير ( وقالت اخرج عليهن ) بضم التاء لالتقاء الساكنين لأن الكسرة تثقل إذا كانت بعدها ضمة وكسر التاء على الأصل ( وقلن حاش لله ) أي معاذ الله وروى الأصمعي عن نافع أنه قرأ كما قرأ أبو عمرو بن العلاء ( وقلن حاشا لله ) بإثبات الألف ، وهو الأصل ومن حذفها جعل اللام التي بعدها عوضا منها وفيها لغات أربع حاشاك وحاشا لك وحاش لك وحشا لك ويقال حشا زيد وحاشا زيدا ، قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول النصب أولى لأنه قد صح أنها فعل بقولهم حاش لزيد والحرف لا يحذف منه وقد قال النابغة :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 327 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وما أحاشي من الأقوام من أحد



                                                                                                                                                                                                                                        ( ما هذا بشرا ) شبهت ( ما ) بليس عند الخليل وسيبويه إذا كان الكلام مرتبا قال سيبويه ورب حرف هكذا أي يشبهه بغيره في بعض المواضع ثم ذكر سيبويه تالله ولدن غدوة ثم قال الكوفيون : لما حذفت الباء نصبت وشرح هذا على ما قاله أحمد بن يحيى أنك إذا قلت ما زيد بمنطلق فموضع الباء موضع نصب وهكذا سائر حروف الخفض قال فلما حذفت الباء نصبت لتدل على محلها ، قال : وهذا قول الفراء وما تعمل ما شيئا فألزمهم البصريون أن يقولوا زيد القمر لأن المعنى كالقمر فرد هذا أحمد بن يحيى بأن قال الباء أدخل في حروف الخفض من الكاف لأن الكاف تكون اسما ، قال أبو جعفر : لا يصح إلا قول البصريين وهذا القول يتناقض لأن الفراء أجاز نصا ما بمنطلق زيد وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                        أما والله أن لو كنت حرا     وما بالحر أنت ولا العتيق



                                                                                                                                                                                                                                        ومنع نصا النصب ولا نعلم بين النحويين اختلافا أنه جائز ما فيك براغب زيد . [ ص: 328 ] وما إليك بقاصد عمرو ثم يحذفون الباء ويرفعون وحكى البصريون والكوفيون ما زيد منطلق بالرفع وحكى البصريون أنها لغة بني تميم وأنشدوا :


                                                                                                                                                                                                                                        أتيما تجعلون إلي ندا     وما تيم لذي حسب نديد



                                                                                                                                                                                                                                        وحكى الكسائي أنها لغة تهامة ونجد وزعم الفراء أن الرفع أقوى الوجهين ، قال أبو إسحاق : هذا غلط كتاب الله جل وعز ولغة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أقوى وأولى ( إن هذا إلا ملك كريم ) لفضل الملائكة على البشر .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية