الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1314 - مسألة : ومن استأجر دارا أو عبدا أو دابة أو شيئا ما ثم أجره بأكثر مما استأجره به أو بأقل أو بمثله ، فهو حلال جائز .

                                                                                                                                                                                          وكذلك الصائغ المستأجر لعمل شيء فيستأجر هو غيره ليعمله له بأقل أو بأكثر أو بمثله فكل ذلك حلال ، والفضل جائز لهما ، إلا أن تكون المعاقدة وقعت على أن يسكنها بنفسه ، أو يركبها بنفسه ، أو يعمل العمل بنفسه ، فلا يجوز غير ما وقعت عليه الإجارة ; لأنه لم يأت نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وهي مؤاجرة وقد أمر عليه السلام بالمؤاجرة - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          1315 - مسألة : والإجارة بالإجارة جائزة - : كمن أجر سكنى دار بسكنى دار أو خدمة عبد بخدمة عبد ، أو سكنى بخدمة عبد أو بخياطة ، كل ذلك جائز ، لأنه لم يأت نص بالنهي عن ذلك - وهو قول مالك وقال أبو حنيفة : لا يجوز كراء دار بكراء دار - ويجوز بخدمة عبد - وهذا تقسيم فاسد .

                                                                                                                                                                                          بقية الكلام في المسألة التي قبل هذه قال علي : روينا من طريق ابن أبي شيبة نا عباد بن العوام عن عمر بن عامر عن قتادة عن نافع عن ابن عمر : أنه قال فيمن استأجر أجيرا فأجره بأكثر مما استأجره ، قال ابن عمر : الفضل للأول . [ ص: 24 ]

                                                                                                                                                                                          ومن طريق وكيع نا شعبة عن قتادة عن ابن عمر أنه كرهه . وصح عن إبراهيم : أنه قال : يرد الفضل ، هو ربا ، ولم يجزه مجاهد ، ولا إياس بن معاوية ، ولا عكرمة ، وكرهه الزهري بعد أن كان يبيحه .

                                                                                                                                                                                          وكرهه ميمون بن مهران ، وابن سيرين وسعيد بن المسيب ، وشريح ، ومسروق ، ومحمد بن علي ، والشعبي ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن .

                                                                                                                                                                                          وأباحه سليمان بن يسار ، وعروة بن الزبير ، والحسن ، وعطاء .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو محمد : احتج المانعون من ذلك بأنه كالربا - وهذا باطل ، بل هي إجارة صحيحة ، ولا فرق بين من ابتاع بثمن وباع بأكثر ، وبين من اكترى بشيء وأكرى بأكثر . والمالكيون يشنعون بخلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف - وهذا مما تناقضوا فيه ; لأن ابن عمر لم يجزه ، ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                                          وممن قال بقول أبي حنيفة في ذلك الشعبي .

                                                                                                                                                                                          قال علي : هذا قول لا دليل على صحته ، والتقليد لا يجوز ، والعجب أنهم قالوا : يتصدق بالفضل وهذا باطل ; لأنه إن كان حلالا فلا يلزمه أن يتصدق به إلا أن يشاء ، وإن كان حراما عليه فلا يحل له أن يتصدق بما لا يملك - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية