الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قال الإمام أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة: «باب: نسبة الرب تبارك اسمه، حدثنا أبو كامل الفضيل بن حسين، حدثنا أبو سعد الخراساني، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن [ ص: 494 ] الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم «انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد [الإخلاص 1 - 4] قال: فالصمد الذي لم يلد ولم يولد ولا يولد له؛ لأنه ليس شيء يلد إلا يولد ولا يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا يورث، وإن الله لا يموت ولا يورث، ولم يكن له كفوا أحد، قال: ليس له شبيه ولا مثيل ولا عديل».

[ ص: 495 ] حدثنا محمد بن مصفى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، أن عبد الله بن سلام قال لأحبار يهود: «إني أريد أن [ ص: 496 ] أحدث بمسجد أبينا إبراهيم وإسماعيل عهدا، قال: فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنت عبد الله بن سلام؟ قال: قلت: نعم، قال: قلت: فانعت لنا ربك، قال: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد [الإخلاص: 1 - 4] قال: وقرأ بها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم».

قلت: ابن سلام لم ير النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، ولم يره إلا بالمدينة، وقال: «لما رأيته علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب».

[ ص: 497 ] قال ابن أبي عاصم: حدثنا أبو الربيع، حدثنا هشيم، حدثنا أبو إسحاق الكوفي، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: «الصمد الذي لا جوف له».

[ ص: 498 ] حدثنا ابن حساب، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن عكرمة قال: «الذي لا جوف له».

حدثنا نصر بن علي، حدثنا أبي، عن شعبة، عن أبي رجاء، عن عكرمة مثله.

[ ص: 499 ] حدثنا نصر بن علي، حدثنا يزيد بن زريع، عن أبي رجاء، عن عكرمة مثله.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا غندر، عن شعبة، عن أبي رجاء، عن عكرمة قال: «الذي لا يخرج منه شيء».

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن عكرمة قال: «الذي لا يخرج منه شيء».

[ ص: 500 ] حدثنا أبو بكر، حدثنا وكيع، عن سفيان، وحدثنا أبو موسى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: «الصمد الذي لا جوف له» وبالإسناد عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، [ ص: 501 ] قال: «الصمد الذي لا جوف له».

وحدثنا أبو بكر، حدثنا ابن أخي إدريس، عن أبيه، عن عطية، وعن ليث، عن مجاهد، قالا: «الصمد الذي ليس له جوف».

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أحمد، وحدثنا المقدمي، حدثنا ابن أبي الوزير، عن محمد بن [ ص: 502 ] مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن سعيد بن جبير قال: «الصمد الذي لا جوف له».

وحدثنا نصر بن علي، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مسلم، عن سعيد بن جبير مثله.

حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا مروان هو ابن معاوية [ ص: 503 ] عن صالح بن مسعود، عن الضحاك بن مزاحم في قوله: «الصمد الذي لا جوف له».

حدثنا أبو موسى، حدثنا عبد الله بن داود، عن مستقيم بن عبد الملك، عن سعيد بن المسيب قال: «الصمد الذي ليس له حشوة».

حدثنا أبو موسى، حدثنا إسحاق بن منصور، عن [ ص: 504 ] عبد السلام، عن عطاء عن ميسرة قال: «الصمد المصمت».

حدثنا أبو موسى، حدثنا يحيى بن سعيد، وابن مهدي، حدثنا المقدمي، حدثنا بشر بن المفضل وابن مهدي عن الربيع بن مسلم، عن الحسن قال: «الصمد الذي ليس [ ص: 505 ] بأجوف».

وحدثنا نصر بن علي، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: «الصمد الباقي بعد فناء خلقه» وهو قول قتادة.

وحدثنا ابن حساب، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن قال: «الصمد الدائم».

وقال عبد الرزاق في تفسيره: أخبرنا معمر، عن قتادة [ ص: 506 ] أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: «صف لنا ربك، فلم يدر ما يرد عليهم، فنزلت: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ».

أخبرنا معمر، عن الحسن، في قوله: الصمد، قال: الدائم. قال معمر: وقال عكرمة: هو الذي لا جوف له.

قال عبد الرزاق: أخبرنا قيس بن ربيع، عن مجاهد، عن عاصم [ ص: 507 ] عن شقيق بن سلمة.

وقال ابن أبي عاصم: حدثنا أبو بكر، أخبرنا يحيى بن سعيد وعيسى بن يونس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: «الصمد الذي لا يأكل الطعام».

حدثنا أبو موسى، حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، عن الشعبي مثله.

أخبرنا أبو الربيع، حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: «أخبرت أن الصمد الذي لا يأكل الطعام [ ص: 508 ] ولا يشرب الشراب».

حدثنا المقدمي، حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي صالح قال: «الذي ليس له أمعاء».

حدثنا أبو بكر، ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن [ ص: 509 ] محمد بن كعب القرظي قال: «الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد».

وقال: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا أبي، حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا عاصم بن بهدلة، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود قال: «الصمد السيد الذي قد انتهى سؤدده» إلا أن هذا محفوظ عن شقيق [ ص: 510 ] وهو أبو وائل من قوله.

هكذا رواه عامة الناس، ويمكن أنه قد سمعه من ابن مسعود، إن كان الحسين سمع هذا من عاصم قبل اختلاطه، فإن هذا فيه نظر.

حدثنا إبراهيم بن الحجاج، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: «الصمد الذي قد انتهى [ ص: 511 ] سؤدده».

حدثنا محمد بن ثعلبة، ثنا ابن سواء، عن سعيد، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال: «الصمد الذي يصمد الناس إليه في حوائجهم».

وروى الإمام الحافظ أبو القاسم الطبراني صاحب المعاجم في كتاب السنة له، وقد رواه بعد أن ذكر الآثار في الرؤية، [ ص: 512 ] وفي الاستواء على العرش، ثم أخذ في الصفات، فافتتح بتفسير هذه السورة، فقال: باب: من صفات الله التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن ميسر أبو سعيد الصاغاني، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: «جاء المشركون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد .

قال: الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس أحد يموت إلا يورث، والله تعالى لا يموت ولا يورث ولم يكن له كفوا أحد، لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء».

قلت: هذا الحديث قد تقدم أيضا في كتاب السنة لابن أبي عاصم، وهو مشهور عن أبي سعد هذا، ورواه عنه الناس [ ص: 513 ] وقد رواه الإمام أحمد في مسنده، ورواه الترمذي في جامعه، قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا أبو سعد هو الصاغاني، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب «أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: قل هو الله أحد الله الصمد قال: الصمد الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا وسيموت، ولا شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث، ولم يكن له كفوا أحد. قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء».

قال الترمذي: حدثنا عبد الرحمن بن حميد، حدثنا [ ص: 514 ] عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية «أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر آلهتهم فقالوا: انسب لنا ربك، قال: فأتاه جبريل عليه السلام بهذه السورة: قل هو الله أحد فذكر نحوه ولم يذكر فيه عن أبي بن كعب، وهذا أصح من حديث أبي سعد، وأبو سعد اسمه محمد بن ميسر، وأبو جعفر الرازي اسمه عيسى، وأبو العالية اسمه رفيع، وكان مولى أعتقته امرأة سائبة».

التالي السابق


الخدمات العلمية