الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ثمانين ومائة

فمن الحوادث فيها :

عود الفتنة بالشام ، فاقتتل أهلها ، وتفاقم الأمر ، فاغتم بذلك الرشيد ، وعقد لجعفر بن يحيى على الشام ، وقال له : إما أن تخرج أنت أو أنا . فقال له جعفر : بل أقيك بنفسي . فشخص في جلة القواد والكراع والسلاح ، وأتاهم فأصلح بينهم ، وقتل المناصفية منهم ولم يدع بها رمحا ولا فرسا ، فعادوا إلى الأمن والطمأنينة ، وانطفأت تلك الثائرة ، وولى جعفر بن يحيى صالح بن سليمان البلقاء وما يليها ، واستخلف على الشام عيسى بن العتكي ، وانصرف فازداد الرشيد له إكراما ، فلما قدم دخل على الرشيد فقبل يديه ورجليه ، وقال : الحمد لله الذي آنس وحشتي وأنسأ في أجلي حتى أراني وجه سيدي وأكرمني بقربه ، وردني إلى خدمته ، فوالله إن كنت لأذكر غيبتي ، والمقادير التي أزعجتني ، فأعلم أنها كانت بمعاص لحقتني ، ولو طال مقامي لخفت أن يذهب عقلي إشفاقا على قربك وأسفا على فراقك .

وفي هذه السنة : كانت زلزلة بمصر ونواحيها ، وسقطت رأس منارة الإسكندرية فيها .

[ ص: 47 ] وفيها : أخذ الرشيد من جعفر بن يحيى الخاتم ، فدفعه إلى أبيه يحيى بن خالد .

وفيها : ولي جعفر بن يحيى خراسان وسجستان ، فاستعمل جعفر عليها محمد بن الحسن بن عطية .

وفيها : شخص الرشيد من مدينة السلام يريد الرقة على طريق الموصل ، فلما نزل البردان ، ولى عيسى بن جعفر خراسان ، وعزل عنها جعفر بن يحيى ، وكانت ولاية جعفر إياها عشرين ليلة .

وفيها : ولى جعفر بن يحيى الحرس .

وفيها : هدم الرشيد سور الموصل بسبب الخوارج الذين خرجوا منها ، ثم مضى إلى الرقة فنزلها ، فاتخذها وطنا .

وفيها : عزل هرثمة بن أعين عن إفريقية وأقفله إلى مدينة السلام فاستخلف جعفر بن يحيى على الحرس .

وفيها : خرجت خراشة الشيباني وشري بالجزيرة فقتله مسلم بن بكار بن مسلم العقيلي .

وفيها : خرجت المحمرة بجرجان ، وكتب علي بن موسى بن هامان أن الذي يهيج ذلك عليه عمرو بن محمد العمركي ، وأنه زنديق ، فأمر الرشيد بقتله ، فقتل بمرو .

[ ص: 48 ] وفيها : عزل الرشيد الفضل بن يحيى عن طبرستان والرويان ، وولى ذلك عبد الله بن حازم . وعزل الفضل أيضا عن الري ، ووليها محمد بن يحيى بن الحارث ، وولى سعيد بن مسلم الجزيرة .

وفيها : غزا الصائفة معاوية بن زفر بن عاصم .

وفيها : قدم الرشيد من مكة إلى البصرة في المحرم فنزل المحمدية أياما ، ثم تحول منها إلى قصر عيسى بالحربية ، وشخص عن البصرة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم ، فقدم بغداد ، ثم شخص [منها ] إلى الحيرة فسكنها ، وابتنى بها المنازل ، وأقطع من معه الخطط ، وأقام بها نحوا من أربعين يوما ، فوثب أهل الكوفة وأساءوا مجاورته ، فارتحل إلى مدينة السلام ، ثم شخص إلى الرقة ، فاستخلف ببغداد الأمين ، وولاه العراق .

وحج بالناس في هذه السنة : موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي .

التالي السابق


الخدمات العلمية