الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 365 ] 134 - باب بيان مشكل ما رواه أبو هريرة عنه عليه السلام أنه قال : { ولد الزنى شر الثلاثة }

907 - حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا الثوري ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ولد الزنى شر الثلاثة } .

908 - حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا أبو عمر الحوضي ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 366 ]

909 - حدثنا الربيع الجيزي ، حدثنا حسان بن غالب ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { فرخ الزنى شر الثلاثة } .

قال أبو جعفر : فتأملنا هذا فوجدناه مطلقا على جميع أولاد الزنى موجبا أن كل أولاد الزنى شر من أمهاتهم ، وممن حملن بهم منه من الزانين بهن ، وقد كان الزنى من أمهاتهم ومن الزانين بهن اختيارا منهم له ، وكان أولادهم برآء من ذلك .

فسأل سائل : فقال : كيف يكون أولاد الزنى الذين لا أفعال لهم في الزانين ممن هم منه ممن كان منه الزنى ، وأعظم ذلك .

فكان جوابنا له أن أبا هريرة نقل عنه هذا الحديث لما ذكرنا ، وقد روي عن عائشة إنكارها ذلك عليه ، وإخبارها أن النبي عليه السلام إنما كان قصد بذلك القول إلى إنسان بعينه لمعنى كان فيه يبين به [ ص: 367 ] عن سائر أولاد الزناة .

910 - كما حدثنا صالح بن شعيب بن أبان البصري ، حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة قال : بلغ عائشة أن أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولد الزنى شر الثلاثة ، فقالت : يرحم الله أبا هريرة ، أساء سمعا فأساء إجابة ، هكذا في الحديث ، وأما أهل اللغة فيقولون : إنه أساء سمعا فأساء جابة بلا ألف ، ثم رجعنا إلى حديث الزهري ، عن عروة { عن عائشة لم يكن الحديث على هذا إنما كان رجل يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنه مع ما به ولد زنى ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو شر الثلاثة } .

[ ص: 368 ] فكان في هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع لما في حديث أبي هريرة الذي رويناه قبله ، وكان الذي في هذا الحديث أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم مما في حديث أبي هريرة ؛ لأن الله قال في كتابه : ألا تزر وازرة وزر أخرى وقال : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى [ ص: 369 ] فكان ولد الزنى ليس ممن كان له في زنا أمه ولا في زنا الزاني بها حتى حملت به منه سعي ، وبان لنا بحديث عائشة أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكره عنه أبو هريرة : { ولد الزنى شر الثلاثة } إنما كان لإنسان بعينه كان منه من الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان منه مما صار به كافرا شرا من أمه ومن الزاني بها الذي كان حملها به منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية