الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1320 - مسألة : وجائز كراء السفن كبارها وصغارها بجزء مسمى مما يحمل فيها مشاع في الجميع أو متميز .

                                                                                                                                                                                          وكذلك الدواب ، والعجل ، ويستحق صاحب السفينة من الكراء بقدر ما قطع من الطريق عطب أو سلم ; لأنه عمل محدود .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : لا كراء له إلا إن بلغ .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وهذا خطأ واستحلال تسخير السفينة بلا أجرة ، وبلا طيب نفس صاحبها .

                                                                                                                                                                                          ولا فرق بين السفينة والدابة في ذلك - وقوله في هذا قول لا يعضده قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول أحد قبله نعلمه ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه .

                                                                                                                                                                                          وكذلك استئجار خدمة المركب جائز ، ولهم من الأجرة بقدر ما عملوا - عطب المركب أو سلم - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 27 ] مسألة : فإن هال البحر وخافوا العطب فليخففوا الأثقل فالأثقل ، ولا ضمان فيه على أهل المركب لأنهم مأمورون بتخليص أنفسهم . قال الله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } .

                                                                                                                                                                                          وقال تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } .

                                                                                                                                                                                          فمن فعل ما أمر به فهو محسن ، قال الله تعالى : { ما على المحسنين من سبيل } .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : يضمن ما كان للتجارة ، ولا يضمن ما سيق للأكل ، والقنية ، ولا يضمن شيئا من ذلك من لا مال له في المركب - وهذا كله تخليط لا يعضده دليل أصلا ، وقول لا نعلم أحدا تقدمه قبله - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          فإن كان دون الأثقل ما هو أخف منه ، فإن كان في رمي الأثقل كلفة يطول أمرها ، ويخاف غرق السفينة فيها ، ويرجى الخلاص ، برمي الأخف رمي الأخف حينئذ لما ذكرنا .

                                                                                                                                                                                          وأما من رمى الأخف وهو قادر على رمي الأثقل فهو ضامن لما رمى من ذلك لا يضمنه معه غيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } .

                                                                                                                                                                                          ولا يرمى حيوان إلا لضرورة يوقن معها بالنجاة برميه ، ولا يلقى إنسان أصلا لا مؤمن ولا كافر ; لأنه لا يحل لأحد دفع ظلم عن نفسه بظلم من لم يظلمه ، والمانع من إلقاء ماله المثقل للسفينة ظالم لمن فيها ، فدفع الهلاك عن أنفسهم بمنعه من ظلمهم فرض .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية