الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2148 باب منه

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب جواز التمتع).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 203 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي ذر (رضي الله عنه) ؛ قال: كانت المتعة في الحج، لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.

                                                                                                                              [ ص: 300 ] وفي الرواية الأخرى: (كانت لنا رخصة. يعني: المتعة في الحج).

                                                                                                                              وفي أخرى: (قال أبو ذر: : لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة. يعني: متعة النساء، ومتعة الحج).

                                                                                                                              وفي أخرى: (إنما كانت لنا خاصة دونكم) ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال النووي : قال العلماء: معنى هذه الروايات كلها: أن فسخ الحج إلى العمرة، كان للصحابة في تلك السنة، (وهي حجة الوداع)، ولا يجوز بعد ذلك .

                                                                                                                              وليس مراد أبي ذر : إبطال التمتع مطلقا. بل مراده: فسخ الحج.

                                                                                                                              وحكمته: إبطال ما كانت عليه الجاهلية: من منع العمرة في أشهر الحج. انتهى.

                                                                                                                              وأقول: قد عارض المجوزون، ما احتج به المانعون: بأحاديث كثيرة، عن أربعة عشر صحابيا من الصحابة. وذكر في (المنتقى) منها: أحاديث عشرة.

                                                                                                                              قال في (الهدي): وروى ذلك عن هؤلاء الصحابة: طوائف من كبار التابعين. حتى صار منقولا عنهم، نقلا يرفع الشك ويوجب اليقين، ولا يمكن أحد أن ينكر أو يقول: لم يقع.

                                                                                                                              وهو مذهب أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، [ ص: 301 ] ومذهب حبر الأمة، وبحرها ( ابن عباس ) وأصحابه.

                                                                                                                              ومذهب أبي موسى الأشعري .

                                                                                                                              ومذهب إمام أهل السنة والحديث أحمد بن حنبل ، وأهل الحديث معه.

                                                                                                                              ومذهب عبد الله العنبري (قاضي البصرة ).

                                                                                                                              ومذهب أهل الظاهر. انتهى.

                                                                                                                              قال العلامة الشوكاني ، في (نيل الأوطار): اعلم: أن هذه الأحاديث قاضية بجواز الفسخ. وقول ( أبي ذر ) لا يصلح للاحتجاج به: على أنها مختصة بتلك السنة، وبذلك الركب.

                                                                                                                              وغاية ما فيه: أنه قول صحابي، فيما هو مسرح للاجتهاد. فلا يكون حجة على أحد، على فرض أنه لم يعارضه غيره. فكيف إذا عارضه رأي غيره من الصحابة: كابن عباس؟ فإنه أخرج عنه مسلم : ( أنه كان يقول: لا يطوف بالبيت حاج إلا حل ). إلى قوله: إذا تقرر لك هذا علمت: أن هذه السنة عامة لجميع الأمة.

                                                                                                                              قال: وسيأتي في آخر هذا الباب، بقية متمسكات الطائفتين.

                                                                                                                              وقد اختلف؛ هل الفسخ على جهة الوجوب أو الجواز؟

                                                                                                                              فمال بعض إلى أنه: (واجب). قال: وبه قال ابن القيم .

                                                                                                                              [ ص: 302 ] والظاهر: أن الوجوب رأي ابن عباس ، لقوله: إن الطواف بالبيت يصيره إلى عمرة، شاء أم أبى.

                                                                                                                              وقد أطال في (الهدي) الكلام على الفسخ، ورجح وجوبه، وبين بطلان ما احتج به المانعون.

                                                                                                                              فمن أحب الوقوف على جميع ذيول هذه المسألة، فليراجعه.

                                                                                                                              قال: وإذا كان الموقع في مثل هذا المضيق: هو إفراد الحج، فالحازم المتحري لدينه، الواقف عند مشتبهات الشريعة، ينبغي له: أن يجعل حجه من الابتداء تمتعا، أو قرانا. فرارا مما هو مظنة البأس، إلى ما لا بأس به. فإن وقع في ذلك، فالسنة أحق بالاتباع.

                                                                                                                              وإذا جاء نهر الله، بطل نهر معقل.




                                                                                                                              الخدمات العلمية