الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
" ما يؤثر عنه في الحدود "

(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " قال الله - جل ثناؤه - : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم : فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما " ) .

[ ص: 304 ] " قال : فكان هذا أول عقوبة الزانيين في الدنيا ، ثم نسخ هذا عن الزناة كلهم : الحر ، والعبد ، والبكر ، والثيب . فحد الله البكرين : الحرين المسلمين ، فقال : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) " .

واحتج : بحديث عبادة بن الصامت - في هذه الآية : ( حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) . - قال : " كانوا يمسكوهن حتى نزلت آية الحدود ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم ) : خذوا عني ؛ [ ص: 305 ] قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر : جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب : جلد مائة ، والرجم " .

واحتج - : في إثبات الرجم على الثيب ، ونسخ الجلد عنه . - : بحديث عمر (رضي الله عنه ) في الرجم ، وبحديث أبي هريرة ، وزيد بن خالد [الجهني ] : " أن رجلا ذكر : أن ابنه زنى بامرأة رجل ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : لأقضين بينكما بكتاب الله . فجلد ابنه مائة ، وغربه عاما ، وأمر أنيسا : أن يغدو على امرأة الآخر " فإن اعترفت : فارجمها " . فاعترفت : فرجمها " .

[ ص: 306 ] قال الشافعي : " كان ابنه بكرا وامرأة الآخر : ثيبا . فذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) - عن الله - جل ثناؤه - : حد البكر ، والثيب في الزنا فدل ذلك : على مثل ما قال [عمر ] : من حد الثيب في الزنا " .

وقال في موضع آخر (بهذا الإسناد ) : " فثبت جلد مائة ، والنفي : على البكرين الزانيين ، والرجم : على الثيبين الزانيين " .

" فإن كانا ممن أريدا بالجلد : فقد نسخ عنهما الجلد مع الرجم " .

[ ص: 307 ] " وإن لم يكونا أريدا بالجلد ، وأريد به البكران - : فهما مخالفان للثيبين ورجم الثيبين - بعد آية الجلد - : [بما ] روى النبي (صلى الله عليه وسلم ) عن الله (عز وجل ) . وهذا : أشبه معانيه ، وأولاها به عندنا ، والله أعلم " .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية