الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائة

فمن الحوادث فيها :

غزو إبراهيم بن جبريل الصائفة ، ودخوله أرض الروم ، فخرج للقائه نقفور ، فجرح وانهزم وقتل من الروم أربعون ألفا وسبعمائة ، وأخذ أربعة آلاف دابة .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا [ أحمد بن علي بن ثابت ] الخطيب قال : قرأت على الجوهري ، عن أبي عبد الله المرزباني قال : حدثني علي بن هارون قال : أخبرني أبي قال : قال أبو الشيص يمدح الرشيد عند ورود الخبر بهزيمة نقفور وفتح بلد الروم من قصيدة :


شددت أمير المؤمنين قوى الملك صدعت بفتح الروم أفئدة الترك     قرنت بسيف الله هام عدوه
وطأطأت بالإسلام ناصية الشرك     فأصبحت مسرورا ولا تعي ضاحكا
وأصبح نقفور على ملكه يبكي



.

وفيها : رابط القاسم بن الرشيد بدابق .

[ ص: 155 ] وفيها : حج بالناس الرشيد ، وهي آخر حجة حجها الرشيد ، ولقيه بهلول في الطريق ، فوعظه .

أخبرنا محمد بن ناصر قال : أخبرنا محمد أبو الغنائم بن ميمون الزينبي قال : حدثنا محمد بن علي بن عبد الرحمن قال : حدثنا زيد بن الحاجب قال : أخبرنا محمد بن هارون قال : حدثنا علي بن الحسن قال : حدثنا علي بن إبراهيم الكرخي قال : حدثنا محمد بن الحسن الحراني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله القزويني ، عن الفضل بن الربيع قال : حججت مع هارون الرشيد ، فمررنا بالكوفة ، فإذا بهلول المجنون يهذي ، فقلت : اسكت فقد أقبل أمير المؤمنين . فسكت ، فلما حاذاه الهودج قال : يا أمير المؤمنين ، حدثنا إسحاق بن بابل قال : حدثنا قدامة بن عبد الله العامري قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى على جمل ، وتحته رحل رث ، ولم يكن ثم طرد ولا ضرب ولا إليك إليك . قلت : يا أمير المؤمنين ، إنه بهلول المجنون ، قال : قد عرفته ، قل يا بهلول . فقال : يا أمير المؤمنين :


فهب أن قد ملكت الأرض طرا     ودان لك العباد فكان ماذا
أليس غدا مصيرك جوف قبر     ويحثو الترب هذا ثم هذا



قال : أجدت يا بهلول ، أفغيره ؟

قال : نعم يا أمير المؤمنين ، من رزقه الله جمالا ومالا ، فعف في جماله ، وواسى في ماله ، كتب في ديوان الأبرار .

قال : فظن أنه يريد شيئا ، قال : فإنا قد أمرنا بقضاء دينك .

قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، لا تقض دينا بدين ، اردد الحق إلى أهله ، واقض دين نفسك من نفسك .

[ ص: 156 ] قال : إنا قد أمرنا أن نجري عليك .

قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، لا يعطيك شيئا وينساني ، أجرى علي الذي أجرى عليك ، لا حاجة لي في جرايتك .

وقد روى أبو بكر الصولي قال : حدثنا محمد بن القاسم قال : حدثنا محمد بن مسعر قال : لما دخل الرشيد إلى الفضيل بن عياض ولم يعرفه الفضيل ، ثم عرفه فقال له : أنت هو يا حسن الوجه ، استكثر من زيارة هذا البيت ، فإنه لا يحج خليفة بعدك .

قال الصولي : وحدثنا إسحاق بن إبراهيم البزار قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم السندي ، عن أبي بكر بن عياش أنه قال وقد مر به الرشيد بالكوفة منصرفا من الحج سنة ثمان وثمانين ومائة : لا يحج الرشيد بعد هذه الحجة ، ولا يحج بعده خليفة أبدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية