الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون قوله تعالى : ثم آتينا موسى الكتاب مفعولان . تماما مفعول من أجله أو مصدر . على الذي أحسن قرئ بالنصب والرفع . فمن رفع - وهي قراءة يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق - فعلى تقدير : تماما على الذي هو أحسن . قال المهدوي : وفيه بعد من أجل حذف المبتدأ العائد على الذي . وحكى سيبويه عن الخليل أنه سمع " ما أنا بالذي قائل لك شيئا " . ومن نصب فعلى أنه فعل ماض داخل في الصلة ; هذا قول البصريين . وأجاز الكسائي والفراء أن يكون اسما نعتا ل " الذي " وأجازا " مررت بالذي أخيك " ينعتان " الذي " بالمعرفة وما قاربها . قال النحاس : وهذا محال عند البصريين ; لأنه نعت للاسم قبل أن يتم ، والمعنى عندهم : على المحسن . قال مجاهد : تماما على المحسن المؤمن . وقال الحسن في معنى قوله : تماما على الذي أحسن كان فيهم محسن وغير محسن ; فأنزل الله الكتاب تماما على [ ص: 130 ] المحسنين . والدليل على صحة هذا القول أن ابن مسعود قرأ : ( تماما على الذين أحسنوا ) . وقيل : المعنى أعطينا موسى التوراة زيادة على ما كان يحسنه موسى مما كان علمه الله قبل نزول التوراة عليه . قال محمد بن يزيد : فالمعنى تماما على الذي أحسن أي تماما على الذي أحسنه الله عز وجل إلى موسى عليه السلام من الرسالة وغيرها . وقال عبد الله بن زيد : معناه على إحسان الله تعالى إلى أنبيائه عليهم السلام من الرسالة وغيرها . وقال الربيع بن أنس : تماما على إحسان موسى من طاعته لله عز وجل ; وقاله الفراء .

ثم قيل : ثم يدل على أن الثاني بعد الأول ، وقصة موسى صلى الله عليه وسلم وإتيانه الكتاب قبل هذا ; فقيل : ثم بمعنى الواو ; أي وآتينا موسى الكتاب ، لأنهما حرفا عطف . وقيل : تقدير الكلام ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : المعنى قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ، ثم أتل ما آتينا موسى تماما .

وتفصيلا عطف عليه . وكذا وهدى ورحمة

وهذا كتاب ابتداء وخبر . أنزلناه مبارك نعت ; أي كثير الخيرات . ويجوز في غير القرآن مباركا على الحال . فاتبعوه أي اعملوا بما فيه . واتقوا أي اتقوا تحريفه . لعلكم ترحمون أي لتكونوا راجين للرحمة فلا تعذبون .

التالي السابق


الخدمات العلمية