الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1731 ) مسألة : قال : ( وتراجعوا فيما بينهم بالحصص ) قد ذكرنا أن الخلطاء تؤخذ الصدقة من أموالهم ، كما تؤخذ من مال الواحد . وظاهر كلام أحمد أن الساعي يأخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء ، سواء دعت الحاجة إلى ذلك ، بأن تكون الفريضة عينا واحدة لا يمكن أخذها من المالين جميعا ، أو لا يجد فرضهما جميعا إلا في أحد المالين ، مثل أن يكون مال أحدهما صحاحا كبارا ، ومال خليطه صغارا أو مراضا ، فإنه تجب صحيحة كبيرة ، أو لم تدع الحاجة إلى ذلك ، بأن يجد فرض كل واحد من المالين فيه .

                                                                                                                                            قال أحمد إنما يجيء المصدق فيجد الماشية ، فيصدقها ، ليس يجيء فيقول : أي شيء لك ؟ وإنما يصدق ما يجده ، والخليط قد ينفع وقد يضر . قال الهيثم بن خارجة لأبي عبد الله أنا رأيت مسكينا كان له في غنم شاتان ، فجاء المصدق فأخذ إحداهما . والوجه في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم { ما كان من خليطين ، فإنهما يتراجعان بالسوية . } وقوله { : لا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع ، خشية الصدقة . } وهما خشيتان : خشية رب المال من زيادة الصدقة ، وخشية الساعي من نقصانها .

                                                                                                                                            فليس لأرباب الأموال أن يجمعوا أموالهم المتفرقة ، التي كان الواجب في كل واحد منها شاة ، ليقل الواجب فيها ، ولا أن يفرقوا أموالهم المجتمعة ، التي كان فيها باجتماعها فرض ، ليسقط عنها بتفرقتها ، وليس للساعي أن يفرق بين الخلطاء ، لتكثر الزكاة ، ولا أن يجمعها إذا كانت متفرقة لتجب الزكاة ، ولأن المالين قد صارا كالمال الواحد في وجوب الزكاة ، فكذلك في إخراجها .

                                                                                                                                            ومتى أخذ الساعي الفرض من مال أحدهما ، رجع على خليطه بقدر قيمة حصته من الفرض ، فإذا كان لأحدهما ثلث المال ، وللآخر ثلثاه ، فأخذ الفرض من مال صاحب الثلث ، رجع بثلثي قيمة المخرج على صاحبه . وإن أخذه من الآخر ، رجع على صاحب الثلث بثلث قيمة المخرج ، والقول قول المرجوع عليه مع يمينه إذا اختلفا ، وعدمت البينة ; لأنه غارم ، فكان القول قوله ، كالغاصب إذا اختلفا في قيمة المغصوب بعد تلفه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية