الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما بين حال الفضل فيمن أحسن، بين حال العدل فيمن أساء فقال: والذين كسبوا أي: منهم السيئات أي المحيطة بهم جزاء سيئة أي: منهم بمثلها بعدل الله من غير زيادة وترهقهم ذلة أي: من جملة جزائهم، فكأنه قيل: أما لهم انفكاك عن ذلك؟ فقيل جوابا: ما لهم من الله أي الملك الأعظم; وأغرق في النفي فقال: من عاصم أي: يمنعهم من شيء يريده بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان من المعلوم أن ذلك مغير لأحوالهم، وصل به قوله: كأنما ولما كان المكروه مطلق كونها بالمنظر السيئ، بني للمفعول قوله: أغشيت وجوههم أي: أغشاها مغش لشدة سوادها لما هي فيه من السوء قطعا ولما كان القطع بوزن عنب مشتركا بين ظلمة آخر الليل وجمع القطعة من الشيء، بين وأكد فقال: من الليل أي: هذا الجنس حال كونه مظلما ولما كان ذلك ظاهرا في أنهم أهل الشقاوة، وصل به قوله: أولئك أي البعداء [ ص: 106 ] البغضاء أصحاب النار ولما كانت الصحبة الملازمة، بينها بقوله: هم فيها [أي: خاصة] خالدون أي: لا يمكنون من مفارقتها; والرهق: لحاق الأمر، ومنه: راهق الغلام - إذا لحق حال الرجال; والقتر: الغبار، ومنه الإقتار في الإنفاق لقلته; والذلة: صغر النفس بالإهانة; والكسب: الفعل لاجتلاب النفع إلى النفس أو استدفاع الضر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية