الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2059 [ ص: 337 ] باب في الصيد للمحرم

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب تحريم الصيد المأكول البري، أو ما أصله ذلك: على المحرم بحج أو عمرة أو بهما).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 103 - 104 ج8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ابن عباس، ، عن الصعب بن جثامة الليثي؛ أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حمارا وحشيا. وهو بالأبواء (أو بودان )، فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              قال: فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي، قال: "إنا لم نرده عليك، إلا أنا حرم"
                                                                                                                              ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن الصعب بن جثامة ). بجيم مفتوحة وثاء مشددة.

                                                                                                                              (الليثي) رضي الله عنه.

                                                                                                                              (أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم - حمارا وحشيا) .

                                                                                                                              وفي رواية: (حمار وحش).

                                                                                                                              [ ص: 338 ] وفي أخرى: (من لحم حمار وحش).

                                                                                                                              وفي أخرى: (عجز حمار وحش، يقطر دما).

                                                                                                                              وفي رواية: (شق حمار وحش).

                                                                                                                              وفي رواية: (عضوا من لحم صيد).

                                                                                                                              هذه روايات مسلم .

                                                                                                                              وترجم له البخاري: ( باب إذا أهدى للمحرم: حمارا وحشيا حيا، لم يقبل). ثم رواه بإسناده. وقال في روايته: (حمارا وحشيا). وحكي هذا التأويل أيضا، عن مالك وغيره.

                                                                                                                              قال النووي : وهو تأويل باطل. وهذه الطرق التي ذكرها مسلم ، صريحة في أنه مذبوح. وأنه إنما أهدى بعض لحم صيد، لا كله.

                                                                                                                              (وهو بالأبواء " أو بودان ".)

                                                                                                                              ( الأبواء ): بفتح الهمزة وإسكان الموحدة وبالمد. ( وودان ): بفتح الواو وتشديد الدال المهملة. وهما: مكانان، بين مكة والمدينة .

                                                                                                                              قال: في (شرح المنتقى): الأبواء : جبل من أعمال الفرع. قيل: سمي بالأبواء : لوبائه. وقيل: لأن السيول تتبوؤه. ( وودان ): موضع بقرب الجحفة.

                                                                                                                              [ ص: 339 ] (فرده عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -. قال: فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ما في وجهي، قال: "إنا لم نرده عليك، إلا أنا حرم") بفتح الهمزة من: (أنا). (وحرم): بضم الحاء والراء. أي: محرمون.

                                                                                                                              قال عياض : رواية المحدثين في هذا الحديث: (لم نرده) بفتح الدال. وأنكره محققو شيوخنا (من أهل العربية). وقالوا: هذا غلط من الرواة. وصوابه: ضم الدال.

                                                                                                                              قال: ووجدته بخط بعض الأشياخ: بضم الدال. وهو الصواب عندهم، على مذهب ( سيبويه ). في مثل هذا من المضاعف إذا دخلت عليه الهاء؛ أن يضم ما قبلها في الأمر، ونحوه من المجزوم. مراعاة للواو، التي توجبها ضمة الهاء بعدها، لخفاء الهاء. فكان ما قبلها ولي الواو. ولا يكون ما قبل الواو إلا مضموما. هذا في المذكر.

                                                                                                                              وأما المؤنث، مثل ردها، وجبها فمفتوح الدال، ونظائرها، مراعاة للألف.

                                                                                                                              هذا آخر كلام عياض .

                                                                                                                              قال النووي : فأما (ردها) ، ونظائرها من المؤنث: ففتحة الهاء لازمة بالاتفاق.

                                                                                                                              [ ص: 340 ] وأما (رده) ، ونحوه للمذكر: ففيه ثلاثة أوجه: أفصحها: وجوب الضم. كما ذكره القاضي . والثاني: الكسر. وهو ضعيف. والثالث: الفتح. وهو أضعف منه.

                                                                                                                              وممن ذكره ثعلب في: (الفصيح). لكن غلطوه، لكونه: أوهم فصاحته، ولم ينبه على ضعفه. انتهى.

                                                                                                                              وفي الحديث: تحريم الاصطياد على المحرم قال في: (السيل الجرار): الأحاديث الواردة في صيد البر، قد بينت قوله سبحانه: ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ).

                                                                                                                              قال: وقد جمعت بينهما في شرحي للمنتقى، مما حاصله؛أنه: يحرم صيد البر على المحرم، إذا صاده بنفسه، أو صاده محرم آخر.

                                                                                                                              أو صاده حلال لأجل المحرم. لا إذا صاده حلال، لا لأجل المحرم، فإنه يحل له، إذا لم يعنه عليه أحد من المحرمين.

                                                                                                                              وبهذا، يحصل الجمع بين حديث أبي قتادة ، وحديث الصعب بن جثامة ، وسائر ما ورد في الباب.

                                                                                                                              قال: فارجع إلى ذلك، فإنه بحث نفيس. انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 341 ] قال النووي : وفي الحديث، جواز قبول الهدية، للنبي -صلى الله عليه وسلم- . بخلاف الصدقة.

                                                                                                                              وفيه: أنه يستحب لمن امتنع من قبول هدية ونحوها، لعذر: أن يعتذر بذلك إلى المهدي، تطييبا لقلبه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية