الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 237 ] ) ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين ( 18 ) أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ( 19 ) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ( 20 ) يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ( 21 ) وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ( 22 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) مثل عاد وثمود وغيرهم فأهلكوا ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين )

                                                                                                                                                                                                                                      ( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ) كيف يخلقهم ابتداء نطفة ثم علقة ثم مضغة ) ( ثم يعيده ) في الآخرة عند البعث ( إن ذلك على الله يسير )

                                                                                                                                                                                                                                      ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ) فانظروا إلى ديارهم وآثارهم كيف بدأ خلقهم ) . ( ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ) أي : ثم الله الذي خلقها ينشئها نشأة ثانية بعد الموت ، فكما لم يتعذر عليه إحداثها مبدءا لا يتعذر عليه إنشاؤها معيدا . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : ) ( النشأة ) بفتح الشين ممدودة حيث وقعت ، وقرأ الآخرون بسكون الشين مقصورة نظيرها : الرأفة والرآفة . ( إن الله على كل شيء قدير )

                                                                                                                                                                                                                                      ( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ) تردون .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ) فإن قيل : ما وجه قوله : " ولا في السماء " والخطاب مع الآدميين وهم ليسوا في السماء ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء : معناه ولا من في السماء بمعجز ، كقول حسان بن ثابت :

                                                                                                                                                                                                                                      فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء



                                                                                                                                                                                                                                      أراد : من يمدحه ومن ينصره ، فأضمر " من " يريد : لا يعجزه أهل الأرض في الأرض ، ولا أهل السماء في السماء . وقال قطرب : معناه وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها ، كقول الرجل : ما يفوتني فلان هاهنا ولا بالبصرة ، أي : ولا بالبصرة لو كان بها ( وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ) أي : من ولي يمنعكم مني ولا نصير ينصركم من عذابي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية