الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 345 ] 3 - باب: الطيب للجمعة

                                840 880 - حدثنا علي، ثنا حرمي بن عمارة، ثنا شعبة، عن أبي بكر بن المنكدر، قال: حدثني عمرو بن سليم الأنصاري، قال: أشهد على أبي سعيد، قال: أشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يمس طيبا إن وجد ".

                                قال عمرو: أما الغسل، فأشهد أنه واجب، وأما الاستنان والطيب، فالله أعلم، واجب هو أم لا؟ ولكن هكذا في الحديث.

                                قال أبو عبد الله: هو أخو محمد بن المنكدر، ولم يسم أبو بكر هذا، روى عنه بكير بن الأشج وسعيد بن أبي هلال وعدة.

                                وكان محمد بن المنكدر يكنى بأبي بكر، وأبي عبد الله.

                                التالي السابق


                                " علي " شيخ البخاري ، هو: ابن المديني ، وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث - فيما ذكره الدارقطني في " علله " -:

                                فرواه عنه تمتام ، كما رواه عنه البخاري .

                                ورواه الباغندي عنه، فزاد في إسناده: " عبد الرحمن بن أبي سعيد "، جعله: عن عمرو بن سليم ، عن عبد الرحمن ، عن أبيه.

                                وكذا رواه سعيد بن أبي هلال ، عن أبي بكر بن المنكدر ، عن عمرو ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه.

                                [ ص: 346 ] خرجه مسلم من طريقه كذلك.

                                وخرجه - أيضا - من رواية بكير بن الأشج ، عن أبي بكر بن المنكدر ، ولم يذكر في إسناده: " عبد الرحمن ".

                                وعن الدارقطني : أن ذكر " عبد الرحمن " في إسناده أصح من إسقاطه.

                                وتصرف البخاري يدل على خلاف ذلك؛ فإنه لم يخرج الحديث إلا بإسقاطه، وفي روايته: أن عمرو بن سليم شهد على أبي سعيد ، كما شهد أبو سعيد على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا صريح في أنه سمعه من أبي سعيد بغير واسطة.

                                وكذا رواه إبراهيم بن عرعرة ، عن حرمي بن عمارة - أيضا.

                                خرجه عنه المروزي في " كتاب الجمعة ".

                                وكذا رواه القاضي إسماعيل ، عن علي بن المديني ، كما رواه عنه البخاري .

                                خرجه من طريقه ابن منده في " غرائب شعبة ".

                                وكذا خرجه البيهقي من طريق الباغندي ، عن ابن المديني .

                                وهذا يخالف ما ذكره الدارقطني ، عن الباغندي .

                                وذكر الدارقطني : أن بكير بن الأشج زاد في إسناده: " عبد الرحمن بن أبي سعيد "، وهو - أيضا - وهم منه.

                                فالظاهر: أن إسقاط عبد الرحمن من إسناده هو الصواب، كما هي طريقة البخاري .

                                وأما أبو بكر بن المنكدر ، فهو: أخو محمد بن المنكدر ، وهو ثقة جليل، ولم يسم، كذا قاله البخاري هاهنا، وأبو حاتم الرازي .

                                [ ص: 347 ] وإنما نبه البخاري على ذلك لئلا يتوهم أنه محمد بن المنكدر ، وأنه ذكر بكنيته؛ فإن ابن المنكدر كان يكنى بأبي بكر وبأبي عبد الله .

                                ويعضد هذا الوهم: أن سعيد بن سلمة بن أبي الحسام روي عنه هذا الحديث، عن محمد بن المنكدر ، عن عمرو بن سليم ، عن أبي سعيد ، وروي عنه، عن محمد بن المنكدر ، عن أخيه أبي بكر ، عن عمرو ، عن أبي سعيد ، وهو الصواب.

                                وفي الطيب للجمعة أحاديث أخر، يأتي بعضها - إن شاء الله تعالى.

                                وأكثر العلماء على استحباب الطيب للجمعة :

                                روى وكيع ، عن العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر كان يجمر ثيابه للمسجد يوم الجمعة.

                                وروى عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، قال: كان ابن عمر إذا راح إلى الجمعة اغتسل وتطيب بأطيب طيب عنده.

                                وروي عنه، أنه كان يستجمر للجمعة بالعود.

                                وروي عن عمر ، أنه كان يأمر بتجمير المسجد يوم الجمعة.

                                ولم تزل المساجد تجمر في أيام الجمع من عهد عمر .

                                وفي الأمر بتجميرها في الجمع حديث مرفوع، خرجه ابن ماجه من حديث واثلة بن الأسقع ، وإسناده ضعيف جدا.

                                ومذهب مالك : أن يتصدق بثمن ما يجمر به المسجد، أو يحلق، وقال: هو أحب إلي: - ذكره في " تهذيب المدونة ".

                                [ ص: 348 ] وسيأتي عن ابن عباس التوقف في الطيب للجمعة.

                                وقد يقال: إنما توقف في وجوبه، كما توقف عمرو بن سليم الأنصاري ، فقد روى ابن عيينة ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن طاوس ، قال: سمعت أبا هريرة يوجب الطيب يوم الجمعة، فسألت ابن عباس عنه، فقال: لا أعلمه.

                                قال سفيان : وأخبرني ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال: من أتى الجمعة فليمس طيبا، إن كان لأهله، غير مؤثم من تركه.

                                وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث البراء بن عازب ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " حقا على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة، وليمس أحدهم من طيب أهله، فإن لم يجد فالماء طيب ".

                                وقال الترمذي : حسن.

                                وذكر في " علله " أنه سأل البخاري عنه، فقال: الصحيح عن البراء موقوف.



                                الخدمات العلمية