الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          123 - فصل

                          [ إذا زوج الكافر ابنه الصغير أكثر من أربع نسوة متى يختار ] .

                          ولو زوج الكافر ابنه الصغير أكثر من أربع نسوة ، ثم أسلم الزوج والزوجات لم يكن له الاختيار قبل بلوغه ، فإنه لا حكم لقوله ، وليس لأبيه الاختيار لأن ذلك حق يتعلق بالشهوة ، فلا يقوم غيره مقامه فيه ، وتحبس عليه الزوجات إلى أن يبلغ ، فيختار حينئذ ، وعليه نفقتهن إلى أن يختار ، هكذا قال أصحابنا ، والشافعية ، وهو في غاية الإشكال ، فإنه ليس في الإسلام مسلم تحته عشر نسوة مسلمات يبقى نكاحهن عدة سنين ، وفي ذلك إضرار بالزوجات في هذه المدة بحيث تبقى المرأة ممنوعة من الزوج عدة سنين ، [ ص: 739 ] محبوسة على صبي لا تدري أيختارها أم يفارقها ، وفي ذلك إضرار عظيم بها ، وهو منتف شرعا ، وقياس المذهب أن يختار عنه وليه كما لو كان مجنونا .

                          فإن قلتم : " والحكم في المجنون كذلك " ، فهو في غاية الفساد ، إذ تبقى المرأة ما شاء الله من السنين محبوسة عليه ، وإن فرقتم بأن البلوغ له حد ينتهي الصبي إليه ، فلا يشق انتظاره بخلاف الجنون .

                          قيل أولا : لا بد لهذا الفرق من شاهد بالاعتبار .

                          وقيل ثانيا : لا ريب أنه يشق على المرأة الانتظار بضع عشرة سنة لا يدرى أيعيش الزوج حتى يصل إليها ، أم يموت قبل ذلك .

                          وقيل ثالثا : والجنون قد يزول عن قرب ، أو بعد ، وإن لم يكن لزواله أمد شرعي ، وقد صرح الأصحاب بأنه إذا جن انتظر به عود عقله ، ثم يختار .

                          والصواب أن الولي يقوم مقامه في الموضعين .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية