الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1747 ) مسألة : قال : ( ويجوز تقدمة الزكاة ) وجملته أنه متى وجد سبب وجوب الزكاة ، وهو النصاب الكامل ، جاز تقديم الزكاة . وبهذا قال الحسن وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وحكي عن الحسن أنه لا يجوز . وبه قال ربيعة ، ومالك وداود لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { ، أنه قال : لا تؤدى زكاة قبل حلول الحول } .

                                                                                                                                            ولأن الحول أحد شرطي الزكاة ، فلم يجز تقديم الزكاة عليه كالنصاب ، ولأن للزكاة وقتا ، فلم يجز تقديمها عليه ، كالصلاة . ولنا ، ما روى علي ، { أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل ، فرخص له في ذلك . وفي لفظ : في تعجيل الزكاة ، فرخص له في ذلك . رواه أبو داود . } رواه أبو داود . وقال يعقوب بن شيبة : هو أثبتها إسنادا .

                                                                                                                                            وروى الترمذي ، عن علي ، { عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال لعمر : إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام . وفي لفظ قال : إنا كنا تعجلنا صدقة العباس لعامنا هذا عام أول } . رواه سعيد عن عطاء ، وابن أبي مليكة ، والحسن بن مسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ،

                                                                                                                                            ولأنه تعجيل لمال وجد سبب وجوبه قبل وجوبه ، فجاز ، كتعجيل قضاء الدين قبل حلول أجله ، وأداء كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث ، وكفارة القتل بعد الجرح قبل الزهوق ، وقد سلم مالك تعجيل الكفارة ، وفارق تقديمها على النصاب ، لأنه تقديم لها على سببها ، فأشبه تقديم الكفارة على اليمين ، وكفارة القتل على الجرح ، ولأنه قد قدمها على الشرطين ، وهاهنا قدمها على أحدهما .

                                                                                                                                            وقولهم : إن للزكاة وقتا . قلنا : الوقت إذا دخل في الشيء رفقا بالإنسان ، كان له أن يعجله ويترك الإرفاق بنفسه ، كالدين المؤجل ، وكمن أدى زكاة مال غائب ، وإن لم يكن على يقين من وجوبها ، ومن الجائز أن يكون المال تالفا في ذلك الوقت ، وأما الصلاة والصيام فتعبد محض ، والتوقيت فيهما غير معقول ، فيجب أن يقتصر عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية