الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1749 ) فصل : وإن عجل زكاة نصاب من الماشية ، فتوالدت نصابا ، ثم ماتت الأمهات وحال الحول على النتاج ، أجزأ المعجل عنها ; لأنها دخلت في حول الأمهات ، وقامت مقامها ، فأجزأت زكاتها عنها . فإذا كان عنده أربعون من الغنم ، فعجل عنها شاة ، ثم توالدت أربعين سخلة ، وماتت الأمهات ، وحال الحول على السخال ، أجزأت المعجلة عنها ، لأنها كانت مجزئة عنها وعن أمهاتها لو بقيت ، فلأن تجزئ عن إحداهما أولى .

                                                                                                                                            وإن كان عنده ثلاثون من البقر ، فعجل عنها تبيعا ، ثم توالدت ثلاثين عجلة ، وماتت الأمهات ، وحال الحول على العجول ، احتمل أن يجزئ عنها ، لأنها تابعة لها في الحول . واحتمل أن لا يجزئ عنها ; لأنه لو عجل عنها تبيعا مع بقاء الأمهات لم يجزئ عنها ، فلأن لا يجزئ عنها إذا كان التعجيل عن غيرها أولى . وهكذا الحكم في مائة شاة إذا عجل عنها شاة فتوالدت مائة ، ثم ماتت الأمهات ، وحال الحول على السخال . وإن توالد نصفها ، ومات نصف الأمهات ، وحال الحول على الصغار ونصف الكبار ، فإن قلنا بالوجه الأول ، أجزأ المعجل عنهما جميعا .

                                                                                                                                            وإن قلنا بالثاني ، فعليه في الخمسين سخلة شاة ; لأنها نصاب لم تؤد زكاته . وليس عليه في العجول إذا كانت خمسة عشر شيء ، لأنها لم تبلغ نصابا ، وإنما وجبت الزكاة فيها بناء على أمهاتها التي عجلت زكاتها . وإن ملك ثلاثين من البقر ، فعجل مسنة زكاة لها ولنتاجها ، فنتجت عشرا ، أجزأته عن الثلاثين دون العشر ، ووجب عليه في العشر ربع مسنة . ويحتمل أن تجزئه المسنة المعجلة عن الجميع ; لأن العشر تابعة للثلاثين في الوجوب والحول فإنه لولا ملكه للثلاثين لما وجب عليه في العشر شيء .

                                                                                                                                            فصارت الزيادة على النصاب منقسمة أربعة أقسام : أحدها ، ما لا يتبع في وجوب ولا حول ، وهو المستفاد من غير الجنس ، ولا يجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده ، وكمال نصابه ، بغير خلاف . الثاني ، ما يتبع في الوجوب دون الحال ، وهو المستفاد من الجنس بسبب مستقل ، فلا يجزئ تعجيل زكاته أيضا قبل وجوده ، مع الخلاف في ذلك . الثالث ، ما يتبع في الحول دون الوجوب ، كالنتاج والربح إذا بلغ نصابا ، فإنه يتبع أصله في الحول ، فلا يجزئ التعجيل عنه قبل وجوده ، كالذي قبله .

                                                                                                                                            الرابع ، ما يتبع في الوجوب والحول ، وهو الربح والنتاج إذا لم يبلغ نصابا ، فهذا يحتمل وجهين ; أحدهما ، لا يجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده ، كالذي قبله . والثاني : يجزئ ; لأنه تابع له في الوجوب والحول ، فأشبه الموجود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية