الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2091 باب غسل المحرم رأسه

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب جواز غسل المحرم بدنه ورأسه).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 125 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، ، عن أبيه، ، عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة؛ أنهما: اختلفا بالأبواء. فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه. وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني ابن عباس، إلى أبي أيوب الأنصاري؛ أسأله عن ذلك. فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب. قال: فسلمت عليه. فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين. أرسلني إليك عبد الله [ ص: 358 ] بن عباس، أسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه، وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب (رضي الله عنه) يده على الثوب، فطأطأه حتى بدا لي رأسه. ثم قال لإنسان يصب: اصبب. فصب على رأسه. ثم حرك رأسه بيديه. فأقبل بهما وأدبر. ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن حنين ، عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة ) رضي الله عنهم؛ أنهما اختلفا بالأبواء ، وهما نازلان بها.

                                                                                                                              وفي رواية: ( بالعرج ) ، بفتح أوله وإسكان ثانيه: قرية جامعة، قريبة من الأبواء .

                                                                                                                              (فقال عبد الله بن عباس : يغسل المحرم رأسه . وقال المسور : لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني ابن عباس ، إلى أبي أيوب الأنصاري ) رضي الله عنه.

                                                                                                                              (أسأله عن ذلك. فوجدته: يغتسل بين القرنين) بفتح القاف. تثنية (قرن). وهما: الخشبتان القائمتان على رأس البئر. وشبههما من البناء. وتمد بينهما (خشبة) ، يجر عليها الحبل المستقى به، وتعلق عليها البكرة.

                                                                                                                              [ ص: 359 ] (وهو يستتر بثوب. قال: فسلمت عليه. فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين . أرسلني إليك عبد الله بن عباس ، أسألك: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه، وهو محرم؟ ) .

                                                                                                                              قال ابن عبد البر : الظاهر: أن ابن عباس ، كان عنده في ذلك نص من النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخذه عن أبي أيوب ، أو عن غيره.

                                                                                                                              ولهذا قال عبد الله بن حنين لأبي أيوب : يسألك إلخ. ولم يقل: هل كان يغسل رأسه أو لا؟ على حسب ما وقع فيه اختلاف المسور وابن عباس .

                                                                                                                              (فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه) أي: أزاله عن رأسه.

                                                                                                                              وفي رواية للبخاري : (جمع ثيابه إلى صدره، حتى نظرت إليه).

                                                                                                                              (حتى بدا لي رأسه. ثم قال لإنسان) . قال الحافظ : لم أقف على اسمه.

                                                                                                                              (يصب: اصبب. فصب على رأسه. ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر. ثم قال: هكذا رأيته -صلى الله عليه وسلم - يفعل) .

                                                                                                                              زاد في رواية للبخاري : (فرجعت إليهما فأخبرتهما، فقال المسور : لابن عباس : لا أماريك أبدا) . أي: لا أجادلك.

                                                                                                                              قال في (شرح المنتقى): والحديث، يدل على جواز الاغتسال للمحرم، وتغطية الرأس باليد حاله .

                                                                                                                              [ ص: 360 ] قال ابن المنذر : أجمعوا على أن للمحرم، أن يغتسل من الجنابة .

                                                                                                                              واختلفوا في ما عدا ذلك.

                                                                                                                              وروى مالك في (الموطأ) عن نافع : أن ابن عمر (رضي الله عنهما) ، كان لا يغسل رأسه وهو محرم، إلا من الاحتلام .

                                                                                                                              وروي عن مالك : أنه كره للمحرم، أن يغطي رأسه في الماء.

                                                                                                                              وللحديث فوائد، ليس هذا موضع ذكرها. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : وفي هذا الحديث، فوائد منها: جواز اغتسال المحرم، وغسله رأسه، وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعرا.

                                                                                                                              ومنها: قبول خبر الواحد . وأن قبوله، كان مشهورا عند الصحابة (رضي الله عنهم).

                                                                                                                              ومنها: الرجوع إلى النص، عند الاختلاف. وترك الاجتهاد والقياس، عند وجود النص .

                                                                                                                              ومنها: السلام على المتطهر: في وضوء وغسل، بخلاف الجالس على الحدث .

                                                                                                                              ومنها: جواز الاستعانة في الطهارة ، ولكن الأولى: تركها إلا لحاجة.

                                                                                                                              قال: واتفق العلماء، على جواز غسل المحرم: رأسه وجسده عن الجنابة، بل هو واجب عليه.

                                                                                                                              وأما غسله تبردا، فمذهبنا ومذهب الجمهور: جوازه بلا كراهة.

                                                                                                                              [ ص: 361 ] ويجوز عندنا: غسل رأسه بالسدر والخطمي ، بحيث لا ينتف شعرا. فلا فدية عليه، ما لم ينتف شعرا.

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة ومالك : هي حرام، موجب للفدية. انتهى.

                                                                                                                              وأقول: الحديث، يرد عليهما.




                                                                                                                              الخدمات العلمية