الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2085 باب في الفدية على المحرم

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب جواز حلق الرأس للمحرم، إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه. وبيان قدرها).

                                                                                                                              وفي المنتقى: ( باب النهي عن أخذ الشعر إلا لعذر، وبيان فديته).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 120 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله بن معقل، قال: قعدت إلى كعب (رضي الله عنه) وهو في المسجد، فسألته عن هذه الآية: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} ؟

                                                                                                                              فقال كعب (رضي الله عنه): نزلت في. كان بي أذى من رأسي. فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: [ ص: 362 ] "ما كنت أرى: أن الجهد بلغ منك ما أرى. أتجد شاة؟" فقلت: لا. فنزلت هذه الآية: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك .

                                                                                                                              قال: صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين: نصف صاع (طعاما) لكل مسكين.

                                                                                                                              قال: فنزلت في خاصة، وهي لكم عامة
                                                                                                                              ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن معقل ، قال: قعدت إلى كعب "رضي الله عنه" وهو في المسجد، فسألته عن هذه الآية: ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فقال كعب "رضي الله عنه": نزلت في. كان بي أذى من رأسي. فحملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، والقمل) بفتح القاف وكسر الميم.

                                                                                                                              (يتناثر على وجهي، فقال: "ما كنت أرى") بضم الهمزة. أي: أظن (أن الجهد) ، بالفتح: (المشقة).

                                                                                                                              قال النووي : والضم لغة، في المشقة أيضا. وكذا حكاه عياض عن ابن دريد .

                                                                                                                              [ ص: 363 ] وقال صاحب (المغني): بالضم: الطاقة. وبالفتح: الكلفة. فيتعين الفتح هنا.

                                                                                                                              (بلغ منك: ما أرى) . بفتح الهمزة. من (الرؤية).

                                                                                                                              ("أتجد شاة؟" فقلت: لا. فنزلت هذه الآية: ففدية من صيام أو صدقة أو نسك قال: صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين: نصف صاع "طعاما" لكل مسكين. قال: فنزلت في خاصة، وهي لكم عامة) .

                                                                                                                              اتفق العلماء، على القول بظاهر هذا الحديث. إلا ما حكي عن أبي حنيفة ، والثوري : أن (نصف الصاع) لكل مسكين، إنما هو في الحنطة.

                                                                                                                              فأما التمر، والشعير، وغيرهما: فيجب (صاع) لكل مسكين.

                                                                                                                              وهذا خلاف نصه -صلى الله عليه وسلم -، في طرق هذا الحديث: "ثلاثة آصع من تمر".

                                                                                                                              وعن أحمد ؛ أنه لكل مسكين: (مد) من حنطة، أو (نصف صاع) من غيره.

                                                                                                                              وعن الحسن البصري ، وبعض السلف: أنه يجب إطعام عشرة مساكين، أو صوم عشرة أيام. وهذا ضعيف، منابذ للسنة، مردود.

                                                                                                                              ومعنى الحديث: أن من احتاج إلى حلق الرأس، لضرر: من قمل، أو مرض، أو نحوهما، فله: حلقه في الإحرام، وعليه الفدية ، للآية الكريمة.

                                                                                                                              [ ص: 364 ] وبين النبي -صلى الله عليه وسلم -، أن الصيام: (ثلاثة أيام).

                                                                                                                              والصدقة: ثلاثة آصع لستة مساكين: لكل مسكين نصف صاع.

                                                                                                                              والنسك: شاة. وهي شاة تجزئ في الأضحية.

                                                                                                                              ثم إن الآية الكريمة، والأحاديث الواردة في هذا الباب، متفقة على: أنه مخير بين هذه الأنواع الثلاثة. وبه قال أهل العلم.

                                                                                                                              وأما قوله -صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى: "هل عندك نسك؟" قال: ما أقدر عليه. فأمره أن يصوم... إلخ: فليس المراد أن الصوم لا يجزئ إلا لعادم الهدي. بل هو محمول: على أنه سأل عن النسك. فإن وجده؛ أخبره بأنه: مخير بينه، وبين الصيام، والإطعام. وإن عدمه، فهو مخير بينهما.




                                                                                                                              الخدمات العلمية