الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 312 ] كتاب الاعتكاف

                                                                                                                                            1755 - ( عن عائشة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل } ) .

                                                                                                                                            1756 - ( وعن ابن عمر قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان } . متفق عليهما ولمسلم : قال نافع : وقد أراني عبد الله المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                                            1757 - ( وعن أنس قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، فلم يعتكف عاما ، فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين } رواه أحمد والترمذي وصححه ولأحمد وأبي داود وابن ماجه هذا المعنى من رواية أبي بن كعب )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            . هذه الأحاديث فيها دليل على مشروعية الاعتكاف ، وهو متفق عليها كما قال النووي وغيره . قال مالك : فكرت في الاعتكاف وترك الصحابة له مع شدة اتباعهم للأثر فوقع في نفسي أنه كالوصال ، وأراهم تركوه لشدته ، ولم يبلغني عن أحد من السلف أنه اعتكف إلا عن أبي بكر بن عبد الرحمن انتهى . ومن كلام مالك هذا أخذ بعض أصحابه أن الاعتكاف جائز ، وأنكر ذلك عليهم ابن العربي وقال : إنه سنة مؤكدة . وكذا قال ابن بطال في مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تأكده . وقال أبو داود عن أحمد : لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أنه مسنون ، وتعقب الحافظ في الفتح قول مالك : إنه لم يعتكف من السلف إلا أبو بكر بن عبد الرحمن وقال : لعله أراد صفة مخصوصة وإلا فقد حكي عن غير واحد من الصحابة أنه اعتكف .

                                                                                                                                            واعلم أنه لا خلاف في عدم وجوب الاعتكاف إلا إذا نذر به قوله : ( يعتكف ) الاعتكاف في اللغة : هو الحبس واللزوم والمكث والاستقامة والاستدارة . قال العجاج :

                                                                                                                                            فهن يعكفن به إذا حجا عكف النبيط يلعبون الفنزجا

                                                                                                                                            [ ص: 313 ] والنبيط : قوم من العجم ، والفنزج بالفاء والنون والزاي والجيم : لعبة للعجم يأخذ كل واحد منهم بيد صاحبه ويستديرون راقصين قوله : ( حجا ) أي أقام بالمكان .

                                                                                                                                            وفي الشرع : المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة قوله : ( العشر الأواخر من رمضان ) فيه دليل على استحباب مداومة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لتخصيصه صلى الله عليه وسلم ذلك الوقت بالمداومة على اعتكافه قوله : ( اعتكف عشرين ) فيه دليل على أن من اعتاد اعتكاف أيام ثم لم يمكنه أن يعتكفها أنه يستحب له قضاؤها ، وسيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف لما لم يعتكف العشر الأواخر من رمضان العشر الأواخر من شوال




                                                                                                                                            الخدمات العلمية