الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا

                                                                                                                                                                                                الواو في : "لا يملكون" إن جعل ضميرا فهو للعباد ، ودل عليه ذكر المتقين والمجرمين ؛ لأنهم على هذه القسمة ، ويجوز أن تكون علامة للجمع ، كالتي في : "أكلوني البراغيث " ، والفاعل : من اتخذ ؛ لأنه في معنى الجمع ، ومحل : "من اتخذ " : رفع على البدل ، أو على الفاعلية ، ويجوز أن ينتصب على تقدير حذف المضاف ، أي : إلا شفاعة من اتخذ ، والمراد : لا يملكون أن يشفع لهم ، واتخاذ العهد : الاستظهار بالإيمان والعمل ، وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم : "أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا" ح قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : "يقول كل صباح ومساء : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد إليك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وأنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وأني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد" فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ، ووضع تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين لهم عند الرحمن عهد ، فيدخلون [ ص: 57 ] الجنة ، وقيل : كلمة الشهادة ، أو يكون من : "عهد الأمير إلى فلان بكذا " : إذا أمره به ، أي : لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة المأذون له فيها ؛ وتعضده مواضع في التنزيل : وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى [النجم : 26 ] ، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له [سبأ : 23 ] ، و يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا [طه : 109 ] .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية